ما هو دين الإسلام ؟

هو الدين الذي جاء به محمد، والشريعة التي ختم الله تعالى بها الرسالات السماوية. وقد قام محمد عليه الصلاة والسلام بتبليغ الناس عن هذا الدين وأحكامه ونبذ عبادة الاصنام وغيرها مما يعبد من دون الله. والإسلام هو التسليم للخالق والخضوع له، وتسليم العقل والقلب لعظمة الله وكماله ثم الانقياد له بالطاعة وتوحيده بالعبادة والبراءة من الشرك به سبحانه، والرسالة الأساسية التي يقوم عليها الاسلام هو توحيد الله عز وجل بالعبادة والبراءة من الشرك بالله ومن عبادة كل ما سواه، والإسلام ليس حصرياً على شعب دون شعب، أو قوم دون قوم، بل هي دعوة شاملة للبشرية كافة بغية تحقيق العدل والمساواة للبشر كافة. فالإسلام يقوم على على أساس الفطرة الإنسانية والمساواة بين مختلف أفراد المجتمع الإسلامي فلا يفرٌق بين الضعيف والقوي والغني والفقير والشريف والوضيع منهم، كما لا يفرق الإسلام بين الأمم والشعوب المختلفة إلا من باب طاعتها لله تعالى والتزامها بالتقوى، فهي تعتبر التقوى هي الاساس الذي يقيٌم به عمل الإنسان والتزامه بتعاليم الإسلام.

تعريف العقيدة الإسلامية

العقيدة الإسلامية: هي الإيمان الجازم بربوبية الله تعالى وألوهيته وأسمائه وصفاته، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره، وسائر ما ثبت من أمور الغيب، وأصول الدين، وما أجمع عليه السلف الصالح، والتسليم التام لله تعالى في الأمر، والحكم، والطاعة، والاتباع لرسوله صلى الله عليه وسلم. والعقيدة الإسلامية: إذا أطلقت فهي عقيدة أهل السنة والجماعة؛ لأنها هي الإسلام الذي ارتضاه الله ديناً لعباده، وهي عقيدة القرون الثلاثة المفضلة من الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان

السيرة النبوية الشريفة

والسيرة النبوية تعني مجموع ما ورد لنا من وقائع حياة النبي صلى الله عليه وسلم وصفاته الخُلقية والخَلقية، مضافا إليها غزواته وسراياه صلى الله عليه وسلم

مكتبة نور الاسلام

حيث نسعى من خلال توفير كميه كبيره من الموسوعات الضخمة والكتب القيمة والمقالات المتميزه التي تشتمل على مواضيع مختلفة وهادفة من أجل اظهار الصورة الحقيقة لديننا الاسلامي الحنيف.

مدونة نور الاسلام

موقع اسلامي دعوي يهدف الى نشر الاسلام واظهاره بالصورة الحقيقية ونشر تعاليمه ومبادئه السمحه على منهج اهل السنة والجماعة

8‏/9‏/2012

مناظرة بين سني وشيعي عن حقيقة المهدي المنتظر عند الشيعة الإمامية الإثنا عشرية

الشيعي: بعد التحيه والسلام...اليك هذه الجمله من النصوص التي تثبت اصل وجود الامام المهدي وولادته وعندها ينهد اصل الاساس الذي بنيت اشكالك عليه هدنا الله واياك سبيل الرشاد
النصوص التي
تعيّن أسماء الأئمة المعصومين (ع)
يوجد في مصادرنا الحديثية العديد من الروايات التي تنص على تحديد أسماء الأئمة المعصومين (ع)، ولكن حيث أن بناءنا هو على الاختصار في هذه الرسالة، لذلك سنكتفي بذكر بعض الروايات الصحيحه الصريحه التي تثبت المطلوب وغيرها كثير اعرضنا عنه طلبا للاختصار

ما ورد من الروايات في تحديد أن الأئمة (ع)
هم من وُلد الحسين (ع)
وهذه الروايات ـ بهذا العنوان ـ تجيب على عدة أسئلة، فهي من جهة تجيب على نقطة هي مركز التشكيك عند المشككين المدعين عدم وجود نص على الأئمة بعد الإمام الحسين (ع)، بينما هذه الروايات تعتبر نصاً على العنوان أي أولاد الحسين، وأيضاً فهي تحدد نسب الأئمة بعده وتحصرهم في هذه الذرية الطاهرة، فتنفي هذا المنصب عمن ليس من هذا البيت، فكل من ادعى الإمامة من غيرهم فادعاؤه باطل، ولو كان هاشمياً قرشياً، بل حتى لو كان من أولاد أميرالمؤمنين من غير نسل الحسين (ع). وأيضاً فهذه الروايات تدل بالدلالة الالتزامية على أنهم من قريش بل هي مفسِّرة لذلك العنوان، ولهذا فما ورد من غير طرق الشيعة كثيراً من أن الأئمة من قريش يكون مفسّراً بهذه الروايات حيث أن من كان من أبناء الحسين فهو بالضرورة قرشيّ.
فمن تلك الروايات:
(صحيحة) ما رواه الشيخ الكليني رحمه اللّه عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن إسحاق بن غالب عن أبي عبداللّه الصادق (ع) من كلام يذكر فيه الأئمة“ إلى أن قال «فلم يزل اللّه يختارهم لخلقه من وُلد الحسين من عقب كل إمام، كلما مضى منهم إمام نصب لخلقه من عقبه إماماً وعلماً هادياً»(4).
ومنها (صحيحة) ما رواه الشيخ الصدوق رحمه اللّه عن محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب والهيثم ابن مسروق النهدي، عن الحسن بن محبوب السراد عن علي بن رئاب عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (ع) قال سمعته يقول: «إن أقرب الناس إلى اللّه عز وجل وأعلمهم به وأرأفهم بالناس محمد صلى اللّه عليه وآله، والأئمة فادخلوا أين دخلوا وفارقوا من فارقوا، عنى بذلك حسيناً وولده فإن الحق فيهم وهم الأوصياء ومنهم الأئمة، فأينما رأيتموهم فاتبعوهم وإن أصبحتم يوماً لا ترون منهم أحداً منهم فاستغيثوا باللّه عز وجل وانظروا السنة التي كنتم عليها واتبعوها وأحبّوا من كنتم تحبون وأبغضوا من كنتم تبغضون فما أسرع ما يأتيكم الفرج!»(5).
ويؤيدها ما رواه في كمال الدين، عن أبيه عن سعد بن عبداللّه عن يعقوب بن يزيد عن حماد بن عيسى عن عبدالله بن مسكان عن أبان عن سليم بن قيس الهلالي عن سلمان الفارسي قال: «دخلت على النبي صلّى اللّه عليه وآله، فإذا الحسين بن علي على فخذه وهو يقبّل عينيه ويلثم فاه ويقول: أنت سيد ابن سيد، أنت إمام ابن إمام أبو أئمة أنت حجة الله ابن حجته وأبو حجج تسعة من صلبك تاسعهم قائمهم»(6).
ومن الروايات:
الصحيحة التي رواها الصدوق بإسناده عن عبداللّه بن جندب عن موسى بن جعفر (ع) أنه قال: تقول في سجدة الشكر: «اللهم إني أشهدك وأشهد ملائكتك وأنبياءك ورسلك وجميع خلقك أنك أنت اللّه ربي والإسلام ومحمداً نبيي وعلياً والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي والحجة بن الحسن أئمتي بهم أتولى ومن أعدائهم أتبرأ»(
والصحيحة الأُخرى التي رواها الكليني عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد البرقي عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري عن أبي جعفر الثاني (ع) قال: «أقبل أميرالمؤمنين (ع) ومعه الحسن بن علي وهو متكىء على يد سلمان فدخل المسجد الحرام فجلس، إذ أقبل رجل حسن الهيئة واللباس، فسلم على أميرالمؤمنين، فرد (ع) فجلس، ثم قال: يا أميرالمؤمنين أسألك عن ثلاث مسائل إن أخبرتني بهن علمت أن القوم ركبوا من أمرك ما قضي عليهم وأن ليسوا بمأمونين في دنياهم وآخرتهم، وإن تكن الأُخرى علمت أنك وهم شرع سواء! فقال له أميرالمؤمنين (ع): سلني عما بدا لك، قال: أخبرني عن الرجل إذا نام أين تذهب روحه؟ وعن الرجل كيف يذكر وينسى؟ وعن الرجل كيف يشبه ولده الأعمام والأخوال؟ فالتفت أميرالؤمنين (ع) إلى الحسن، فقال: يا أبا محمد أجبه! قال: فأجابه الحسن، فقال الرجل: أشهد أن لا إله إلا الله ولم أزل أشهد بها، وأشهد أن محمداً رسول الله ولم أزل أشهد بها، وأشهد أنك وصي رسول اللّه والقائم بحجته ـ أشار إلى أميرالمؤمنين ـ ولم أزل أشهد بها، وأشهد أنك وصيه والقائم بحجته ـ أشار إلى الحسن ـ، وأشهد أن الحسين بن علي وصي أخيه والقائم بحجته بعده، وأشهد على علي بن الحسين أنه القائم بأمر الحسين بعده، وأشهد على محمد بن علي أنه القائم بأمر علي بن الحسين، وأشهد على جعفر بن محمد أنه القائم بأمر محمد، وأشهد على موسى أنه القائم بأمر جعفر بن محمد، وأشهد على علي بن موسى أنه القائم بأمر موسى بن جعفر، وأشهد على محمد بن علي أنه القائم بأمر علي بن موسى، وأشهد على علي بن محمد أنه القائم بأمر محمد بن علي، واشهد على الحسن بن علي أنه القائم بأمر علي بن محمد، وأشهد على رجل من ولد الحسن لا يكنّى ولا يسمّى حتى يظهر أمره فيملأها عدلاً كما ملئت جوراً، والسلام عليك يا أميرالمؤمنين ورحمة اللّه وبركاته، ثم قام فمضى، فقال أميرالمؤمنين: يا أبا محمد اتبعه! فانظر أين يقصد؟ فخرج الحسن بن علي (ع)، فقال: ما كان إلا أن وضع رجله خارجاً من المسجد فما دريت أين أخذ من أرض اللّه، فرجعت إلى أميرالمؤمنين فأعلمته، فقال: يا أبا محمد أتعرفه؟ قلت: اللّه ورسوله وأميرالمؤمنين أعلم. قال هو الخضر»
أما الروايات الواردة في إمامة الإمام الحجة بن الحسن العسكري صاحب الزمان عجل اللّه فرجه الشريف، وفي صفاته وعلامات ظهوره، وما يرتبط بخريطة تحركه بعد الظهور، وأنصاره، فهي كثيرة جداً، حتى لقد أُلفت كتب ومجلدات خاصة في هذا الأمر، وحيث أن بناءنا هو على الاختصار في هذالرد كما ذكرنا في البداية، فسوف نذكر عدة مع عناوينها:
1:_في النص عليه صلوات اللّه عليه: ما رواه الصدوق عن محمد بن علي بن ماجيلويه عن محمد بن يحيى العطار عن جعفر بن محمد بن مالك الفزاري عن معاوية بن حكيم ومحمد بن أيوب بن نوح ومحمد بن عثمان العمري قالوا: «عرض علينا أبو محمد الحسن بن علي ونحن في منزله وكنا أربعين رجلاً فقال: هذا إمامكم من بعدي وخليفتي عليكم أطيعوه ولا تتفرّقوا من بعدي في أديانكم فتهلكوا، أما إنكم لا ترونه بعد يومكم هذا. قالوا فخرجنا من عنده فما مضت إلا أيام قلائل حتى مضى أبو محمد (ع)».
2:_في أن الإيمان بالأئمة كل لا يتجزأ وأن الاعتراف بهم من دون الإمام الحجة لا يساوي شيئاً وهو كإنكار أميرالمؤمنين (ع): ما نقله في كفاية الأثر عن الحسن بن علي عن أحمد بن محمد بن يحيى العطار عن سعد بن عبدالله عن موسى بن جعفر البغدادي قال: سمعت أبا محمد الحسن بن علي العسكري (ع) يقول: «كأني بكم وقد اختلفتم بعدي في الخلف مني ألا إن المقر بالأئمة بعد رسول الله المنكر لولدي كمن أقر بجميع الأنبياء والرسل ثم أنكر نبوة رسول اللّه (ص)، لأنّ طاعة آخرنا كطاعة أوّلنا، والمنكر لآخرنا كالمنكر لأوّلنا، أما إن لولدي غيبة يرتاب فيها الناس إلا من عصمه اللّه»
_وروى الصدوق عن أبيه عن سعد بن عبداللّه عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب عن أبي عبداللّه (ع) أنّه قال في قول اللّه عز وجل «يَومَ يَأتى بَعضُ آيات رَبِّكَ لا يَنفَعُ نَفساً إيمَانُها لَم تَكُن آمَنَت من قَبلُ»(25) فقال (ع): «الآيات هم الأئمة والآية المنتظرة القائم (عج) فيومئذ لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل قيامه بالسيف وإن آمنت بمن تقدمه من آبائه (ع)
3:في أنه أشبه الناس برسول اللّه، وله اسمه وكنيته: ما رواه الصدوق في كمال الدين عن أبيه ومحمد بن الحسن ومحمد بن موسى المتوكل، عن سعد بن عبداللّه وعبدالله بن جعفر الحميري، ومحمد بن يحيى العطار جميعاً، عن أحمد بن محمد بن عيسى وإبراهيم بن هاشم وأحمد بن أبي عبداللّه البرقي ومحمد بن الحسين بن ابي الخطاب جميعاً، عن أبي علي الحسن بن محبوب السراد عن داود بن الحصين عن أبي بصير عن الصادق جعفر بن محمد (ع) عن آبائه قال: «قال رسول اللّه (ص): المهدي من ولدي اسمه اسمي، وكنيته كنيتي، أشبه الناس خلقاً وخُلقاً تكون له غيبة وحيرة حتى تضل الخلق عن أديانهم فعند ذلك يقبل كالشهاب الثاقب فيملؤها قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً».
4:_في أن من الابتلاء للخلق في زمان غيبته أن يشك البعض في ولادته: ما رواه الشيخ الصدوق في كمال الدين عن أحمد بن محمد بن يحيى العطار عن سعد بن عبداللّه عن أحمد بن محمد بن عيسى عن عثمان بن عيسى الكلابي عن خالد بن نجيح عن زرارة بن أعين، قال: سمعت أبا عبداللّه (ع) يقول: «إن للقائم غيبة قبل أن يقوم. قلت له: ولم؟ قال: يخاف وأومأ بيده إلى بطنه، ثم قال: يا زرارة هو المنتظر وهو الذي يشك الناس في ولادته منهم من يقول هو حمل ومنهم من يقول هو غائب، ومنهم من يقول ما ولد ومنهم من يقول ولد قبل وفاة أبيه بسنتين، غير أن اللّه تبارك وتعالى يحب أن يمتحن الشيعة، فعند ذلك يرتاب المبطلون».
5:_ما ورد من النص على أنه قد ولد، وأنه عجل اللّه فرجه يحضر موسم الحج فيعاين الخلق، وقد رآه ـ من جملة من رآه ـ نائبه الخاص (في الغيبة الصغرى) محمد بن عثمان العمري في الموسم متعلقاً بأستار الكعبة. وأهمية مثل هذا النص أنه يؤكد ليس فقط ولادته بل اتصاله بالخلق، وذلك أن قضية المهدي عجل اللّه فرجه قضية اتفاقية بين المسلمين جميعاً لما ورد من النصوص المتواترة عن النبي (ص)، ولكن الخلاف بينهم هو في أنّه هل أنه سيولد في آخر الزمان كما يدعي غير الشيعة؟ أو أنه ولد وأن أباه هو الحسن بن علي العسكري وأنه غائب عن الأنظار بعدما نص عليه أبوه (ع) ورآه خلّص شيعته كما تقدّم في النص الدال على إمامته، وأن له غيبتين: صغرى كان يمارس فيها توجيه العباد عن طريق سفرائه الأربعة الخاصين، وأنه سيظهر عندما يأذن اللّه له كما هو الحق وبه يقول شيعة أهل البيت (ع)؟
فقد روى الشيخ الصدوق في الفقيه بسند صحيح عن عبدالله بن جعفر الحميري أنه قال: سألت محمد بن عثمان العمري رضي اللّه عنه، فقلت له: رأيت صاحب هذا الأمر؟ قال: «نعم، وآخر عهدي به عند بيت اللّه الحرام، وهو يقول: اللهم أنجز لي ما وعدتني. قال محمد بن عثمان رضي اللّه عنه وأرضاه: ورأيته صلوات اللّه عليه متعلقاً بأستار الكعبة وهو يقول: اللهمّ انتقم لي من أعدائك».

_و إليك هذا النص الذي رواه الكليني وأبن بابويه والشيخ الطوسي والسيد المرتضى وغيرهم من المحدثين بأسانيد معتبرة عن حكيمة (بنت الإمام الجواد عليهما السلام ) أنها قالت : (( كانت لي جارية يقال لها نرجس فزارني أبن أخي ( الإمام الحسن العسكري عليه السلام ) وأقبل يحد النظر أليها فقلت له : يا سيدي لعلك هويتها فأرسلها إليك فقال : لاياعمة لكني أتعجب منها ،فقلت : وما أعجبك ؟ قال (عليه السلام ) : سيخرج منها ولد كريم على الله عز وجل الذي يملأ الله به الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما ، فقلت : فأرسلها إليك يا سيدي فقال (عليه السلام ) : أستأذني في ذلك أبي ،قالت : فلبست ثيابي وأتيت منزل أبي الحسن الهادي ( عليه السلام )فسلمت وجلست فبدأني عليه السلام وقال : يا حكيمة أبعثي بنرجس إلى أبني أبي محمد ، قالت : فقلت يا سيدي على هذا قصدتك أن أستأذنك في ذلك فقال يا مباركة إن الله تبارك وتعالى أحب أن يشركك في الأجر ويجعل لك في الخير نصيبا ، قالت حكيمة : فلم ألبث أن رجعت إلى منزلي وزينتها ووهبتها لأبي محمد عليه السلام وجمعت بينه وبينها في منزلي فأقام عندي أياما ثم مضى إلى والده ووجهت بها معه ، قالت حكيمة : فمضى أبو الحسن (عليه السلام ) وجلس أبو محمد (عليه السلام ) مكان والده ،وكنت أزوره كما كنت أزور والده فجائتني نرجس يوما تخلع خفي فقالت يا مولاتي ناوليني خفك ، فقلت : بل أنت سيدتي ومولاتي والله لاأدفع إليك خفي لتخلعيه ولا لتخدميني ، بل أنا أخدمك على بصري ، فسمع أبو محمد (عليه السلام ) ذلك فقال : جزاك الله يا عمة خيرا فجلست عنده إلى وقت غروب الشمس ، فصحت بالجارية وقلت : ناوليني ثيابي لأنصرف فقال (عليه السلام ( : يا عمتاه بيّتي الليلة عندنا فأنه سيولد المولود الكريم على الله عز وجل الذي يحي الله عز وجل به الأرض بعد موته ،فقلت : ممن يا سيدي ولست أرى بنرجس شيئا من أثر الحُبل فقال : من نرجس لا من غيرها ، قالت : فوثبت إليها فقلبتها ظهرا لبطن فلم أرَ بها أثرا من حبل فعدت أليه (عليه السلام ) فأخبرته بما فعلت فتبسم ثم قال لي : إذا كان وقت الفجر يظهر لك بها الحبل لأن مثلها مثل أم موسى لم يظهر بها الحبل ولم يعلم بها أحد إلى وقت ولادتها ،لأن فرعون كان يشق بطون الحبالى في طلب موسى . وهذا نظير موسى ( عليه السلام ) .
و أعلم أيها الطالب للحق والإنصاف إن في خصوص تولده (عجل الله فرجه الشريف ) في سامراء ، وأنه ابن الحسن العسكري(عليه السلام ) لا يوجد منكر من طرف الخاصة ، وأما من طرف العامة ،فأن المعترفين بولادته في سرمن رأى من نرجس في سنة خمس وخمسين ومائتين بل غيبته في السرداب من المعروفين الموثوقين كثير بحيث لا يكاد يحصى عددهم ونحن نذكر جلاً منهم :
1 ـ أبو سالم كمال الدين محمد بن طلحة أبن محمد القرشي النصيبي ، في كتابه الباب الثاني عشر في أبي القاسم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم ).
2 ـ أبو عبد الله محمد بن يوسف الكنجي الشافعي ، الذي يعبر عنه أبن الصباغ المالكي في كتابه الفصول المهمة بالإمام الحافظ ووثقه جمع من العلماء في كتابه كفاية الطالب .
3 ـ نور الدين علي بن محمد أبن الصباغ المالكي في كتابه الفصول المهمة .
4 ـ شمس الدين يوسف بن قزعلي بن عبد الله البغدادي الحنفي في كتابه تذكرة خواص الأمة .
5 ـ الشيخ الأكبر محي الدين بن العربي في الباب السادس والستين وثلثمائة من الفتوحات .
6 ـ الشيخ العارف عبد الوهاب بن أحمد بن علي الشعراني في كتابه المسمى باليواقيت .
7 ـ نور الدين بن عبد الرحمن بن قوام الدين الدشتي الجامي الحنفي في شواهد النبوة .
8 ـ الحافظ الخواجة بارسا في كتابه فصل الخطاب وهو من أعيان علماء الحنفية .
9 ـ الحافظ أبو الفتح أبن أبي الفوارس في أربعينه المعروف .
10 ـ الدهلوي البخاري في رسالته في المناقب وأحوال الأئمة الأطهار .
11 ـ السيد جمال الدين عطا الله بن غياث الدين فضل الله بن السيد عبد الرحمن المحدث المعروف صاحب كتاب روضة الأحباب .
12 ـ الحافظ الطوسي البلاذري في مسلسلاته .
13 ـ شهاب الدين أبن شمس الدين المعروف بملك العلماء في كتابه الموسوم بهداية السعداء .
14 ـ القندوزي في ينابيع المودة .
وغيرهم كثير وذكر بعضهم الرواية المتقدمة عن حكيمة بن الأمام الجواد (سلام الله عليهم ) بطرق أخرى .
أرجو أن تكون هذا الأجابة شافية ، هدانا الله وإياكم إلى سبل الرشاد .
قال تعالى : { بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه ، فإذا هو زاهق ، ولكم الويل مما تصفون } .
------------------
الشطري
الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه
انتهى 
-------------------------------------------------------------------
السني:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ / الشطري العزيز ................................. تحية طيبة ، وبعد : -
اشكرك من صميم قلبي لقبولك التحدي ، ومحاولتك الجادة للرد على ما أوردته ، ومحاولة الدفاع عن معتقدك .
ولتعلم أن المراقب قد منعني من الدخول ، حسدا وحقدا من عند نفسه المريضة هدى الله المؤمنين الى كل خير ! ولذلك غيرت اسمي .
زميلي الكريم :
إن أصل الدين لا يقوم إلا على اسس متينة ، وأركان قويمة ، لا يمكن أن تتزلزل بسهولة ، فهي لا تعتمد على روايات الوضاعين ، ولا أخبار الأفاكين المتهوكين في الدين .
إذ أن ورود الأخبار على شيء معين لا تدل على ثبوته ، مهما كثرة ، إذ العبرة بثبوت أصل الشيء نقلا صحيحا ، وعقلا صريحا .
ولو كنا سنتبع المنهج القائم على الركون الى الروايات التي توافق هوى الإنسان كثرة أو قلت - لأخذنا عليكم روايات التحريف ولأثبتناها عليكم ، إذ أن جملة من علمائكم قد أقر بتواترها .
فالعبرة ليست بكثرة الروايات ، ونحن من دواعي سرورنا أن اخوتنا الشيعة قد تبرؤا من هذه الروايات ، وانكروها ، وهذه خطوة جيدة في سبيل الوحدة الإسلامية .
ونحن بدورنا نأمل أن نصحح أيضا هنا المسار مرة أخرى .... وليس هذا على الله بعزيز !
وأما الآن فإلى ما روده سعادتكم :
(1) الرواية الأولى من الكليني :
((صحيحة) ما رواه الشيخ الكليني رحمه اللّه عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن إسحاق بن غالب عن أبي عبداللّه الصادق (ع) من كلام يذكر فيه الأئمة" إلى أن قال «فلم يزل اللّه يختارهم لخلقه من وُلد الحسين من عقب كل إمام، كلما مضى منهم إمام نصب لخلقه من عقبه إماماً وعلماً هادياً».

نقد الرواية :
بغض النظر عن سند الرواية وهل هو صحيح أم سقيم ، لأن ذلك لا يهمنا ، لأن الرواية لا تدل على هذا المهدي المزعوم بشخصه وهو ( محمد بن الحسن العسكري ) .
بل ظاهر هذه الرواية تدل على أن الإمامة في استمرار ظاهر، ينصب بعضهم بعضا ، وليس فيها ما يدل على امام مستور متحير فيه !
ثم إن هذه الرواية تصلح ايضا دليلا لكلا من الإسماعيلية السبعية ، والأغخانية والبهرة ، فلا دليل يقام بها على مهدي الإثنا عشرية !
(2) الرواية الثانية :
(ومنها (صحيحة) ما رواه الشيخ الصدوق رحمه اللّه عن محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب والهيثم ابن مسروق النهدي، عن الحسن بن محبوب السراد عن علي بن رئاب عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (ع) قال سمعته يقول: «إن أقرب الناس إلى اللّه عز وجل وأعلمهم به وأرأفهم بالناس محمد صلى اللّه عليه وآله، والأئمة فادخلوا أين دخلوا وفارقوا من فارقوا، عنى بذلك حسيناً وولده فإن الحق فيهم وهم الأوصياء ومنهم الأئمة، فأينما رأيتموهم فاتبعوهم وإن أصبحتم يوماً لا ترون منهم أحداً منهم فاستغيثوا باللّه عز وجل وانظروا السنة التي كنتم عليها واتبعوها وأحبّوا من كنتم تحبون وأبغضوا من كنتم تبغضون فما أسرع ما يأتيكم الفرج!»)
نقد الرواية :
هذه رواية لا دليل فيها مطلقا على كون المهدي ابن الحسن موجود !
بل هي رواية عائمة ومائعة لا تدل على مرادنا ، كما أنها عامة تصلح دليلا للواقفية والفطحية والجينية والإسماعيلية والناووسية والبترية والجوداية والهاشمية والعلوية النصيرية .
مكلهم مشتركون في القول بالإمامة والإنتظار للمهدي المزعوم ، مع اختلاف الجميع في تحديد شخصه !
ثم إن في سند الرواية (أبي حمزة الثمالي ) فقد ضعفه ووهنه واسقطه أهل الحديث من أهل السنة ، بل ورد عند الكشي عالم الجرح والتعديل ما يدل على فسقه !
فقد روى بسنده عن محمد بن الحسين بن ابي الخطاب - أحد رواة هذه الرواية ايضا - أن ابا حمزة الثمالي كان يشرب المسكرات .!!!!!
انظر : رجال الكشي / ص 201
ثم يبقى أن ابحث في وقت آخر عن بقية رجال السند .
(3) الرواية الثالثة :
(ويؤيدها ما رواه في كمال الدين، عن أبيه عن سعد بن عبداللّه عن يعقوب بن يزيد عن حماد بن عيسى عن عبدالله بن مسكان عن أبان عن سليم بن قيس الهلالي عن سلمان الفارسي قال: «دخلت على النبي صلّى اللّه عليه وآله، فإذا الحسين بن علي على فخذه وهو يقبّل عينيه ويلثم فاه ويقول: أنت سيد ابن سيد، أنت إمام ابن إمام أبو أئمة أنت حجة الله ابن حجته وأبو حجج تسعة من صلبك تاسعهم قائمهم)
نقد الرواية :
هذه الرواية موضوعة ومكذوبة ، لا شك في اختلاقها ، ويكمن ذلك في سندها المتهافت !
ففيها (أبان بن أبي عياش ) ولم يروي عن سليم بن قيس أحد غيره عنه .
وأبان هذا متفق على سقوطه وتهافته ، قال فيه محمد بن علي الأردبيلي :
( تابعي ضعيف لا يلتفت إليه وينسب أصحابنا وضع - أي اختلاق وتزوير - كتاب سليم بن قيس إليه ) [ جامع الرواة / الأردبيلي : ج 1 ص 9 ]
وقال فيه ابن داود الحلي :
( ضعيف قيل أنه وضع كتاب سلسم بن قيس ) [ الرجال / للحلي : ص 414 ]
وقال عنه الغضائري :
( ينسب إليه الكتاب المشهور وهو موضوع بدليل أنه قال : إن محمد بن أبي بكر وعظ أباه عند الموت وقال فيه : إن الأئمة ثلاثة عشر مع زيد واسانيده مختلقه لم يروه عنه إلا أبان بن عياش وفي الكتاب مناكير وما أظنه إلا موضوعا ) [ الرجال / للحلي : ص 460]
وفيها ايضا ( سليم بن قيس ) وهو اصلا وفصلا شخصية مختلقة !
يقول السيد هاشم معروف الحسيني :
( ويكفي هذه الرواية عيبا أنها من مرويات سليم بن قيس وهو من المشبوهين المتهمين بالكذب )
[ الموضوعات في الآثار والأخبار ص 184]
ويقول فيه الشيخ المفيد :
( انه غير موثوق به ولا يجوز العمل على اكثر وقد حصل فيه تخليط وتدليس فينبغي للمتدين ان يجتنب العمل بكل مافيه ولا يعول على جملته والتقليد لروايته )
[ اوائل المقالات ص 247]
ويكفي تهافت كتاب ومرويات سليم الهلالي أن الزمن لعب في حجم هذا الكتاب بالزيادة والنقص. يقول العلوي الحسيني :
( التفاوت في كمية الأحاديث فنسخة إحدى مكتبات النجف لبعض الأعلام فيها نصف الكتاب أو أزيد ) [ مقدمة كتاب سليم بن قيس ص 13 ]
ثم يبقى أن اتتبع بقية الرواة لنستكمل البحث !
(4) الرواية الرابعة :
(الصحيحة التي رواها الصدوق بإسناده عن عبداللّه بن جندب عن موسى بن جعفر (ع) أنه قال: تقول في سجدة الشكر: «اللهم إني أشهدك وأشهد ملائكتك وأنبياءك ورسلك وجميع خلقك أنك أنت اللّه ربي والإسلام ومحمداً نبيي وعلياً والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي والحجة بن الحسن أئمتي بهم أتولى ومن أعدائهم أتبر)
نقد الرواية :
أولا يجب أن تذكر سند هذه الرواية ، ثم إن هذه الرواية مرفوضة بروايات متواترة ومتكاثرة تدل على أن الأئمة ما كانوا يعرفون تلك القائمة المسرودة والتي تسرد اسماء الأئمة !
فيروي الصفار في كتابه ( بصائر الدرجات ص 473) :
(باب " ان الأئمة يعلمون الى من يوصون قبل وفاتهم مما يعلمهم الله )
ويروي الكليني في الكافي (ج 1 277) :
( لا يموت الامام حتى يعلم من بعده فيوصي اليه )
وهذا يدل على لأأن الأئمة ما كانوا يعلمون بوجود تلك القائمة المسرود فيها الأسماء !
بل وقد ذهب الصفار والصدوق والكليني الى ابعد من ذلك فرووا عن الصادق قوله :
( ان الامام اللاحق يعرف امامته وينتهي اليه الأمر آخر دقيقة في حياة الأول ) !!!!!
[البصائر ص 478 / الامامة والتبصرة من الحيرة ص 84 / الكافي ج 1 ص 275 ]
ويقول الشيخ الامام السيد محسن الأمين - عن قضية امامة اسماعيل بن جعفر وكيف أن جعفر اوصى اليه ... يقول :
(مثل ماورد في حق الكاظم (ع) انه بدا لله في شأنه فانه كان يظن ان الامام بعد الصادق هو ابنه اسماعيل لأنه اكبر ولده والامامة للأكبر بحسب النص ، فلما توفي اسماعيل في حياة ابيه ظهر انه ليس بإمام )
[ نقض الوشيعة ، ص 410 ]
فقلي بربك اين القائمة المسرودة من قبل الرسول والأئمة قبل جعفر !!!!!!!!!!!!
(5) الرواية الخامسة :
(والصحيحة الأُخرى التي رواها الكليني عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد البرقي عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري عن أبي جعفر الثاني (ع) قال: «أقبل أميرالمؤمنين (ع) ومعه الحسن بن علي وهو متكىء على يد سلمان فدخل المسجد الحرام فجلس، إذ أقبل رجل حسن الهيئة واللباس، فسلم على أميرالمؤمنين، فرد (ع) فجلس، ثم قال: يا أميرالمؤمنين أسألك عن ثلاث مسائل إن أخبرتني بهن علمت أن القوم ركبوا من أمرك ما قضي عليهم وأن ليسوا بمأمونين في دنياهم وآخرتهم، وإن تكن الأُخرى علمت أنك وهم شرع سواء! فقال له أميرالمؤمنين (ع): سلني عما بدا لك، قال: أخبرني عن الرجل إذا نام أين تذهب روحه؟ وعن الرجل كيف يذكر وينسى؟ وعن الرجل كيف يشبه ولده الأعمام والأخوال؟ فالتفت أميرالؤمنين (ع) إلى الحسن، فقال: يا أبا محمد أجبه! قال: فأجابه الحسن، فقال الرجل: أشهد أن لا إله إلا الله ولم أزل أشهد بها، وأشهد أن محمداً رسول الله ولم أزل أشهد بها، وأشهد أنك وصي رسول اللّه والقائم بحجته ـ أشار إلى أميرالمؤمنين ـ ولم أزل أشهد بها، وأشهد أنك وصيه والقائم بحجته ـ أشار إلى الحسن ـ، وأشهد أن الحسين بن علي وصي أخيه والقائم بحجته بعده، وأشهد على علي بن الحسين أنه القائم بأمر الحسين بعده، وأشهد على محمد بن علي أنه القائم بأمر علي بن الحسين، وأشهد على جعفر بن محمد أنه القائم بأمر محمد، وأشهد على موسى أنه القائم بأمر جعفر بن محمد، وأشهد على علي بن موسى أنه القائم بأمر موسى بن جعفر، وأشهد على محمد بن علي أنه القائم بأمر علي بن موسى، وأشهد على علي بن محمد أنه القائم بأمر محمد بن علي، واشهد على الحسن بن علي أنه القائم بأمر علي بن محمد، وأشهد على رجل من ولد الحسن لا يكنّى ولا يسمّى حتى يظهر أمره فيملأها عدلاً كما ملئت جوراً، والسلام عليك يا أميرالمؤمنين ورحمة اللّه وبركاته، ثم قام فمضى، فقال أميرالمؤمنين: يا أبا محمد اتبعه! فانظر أين يقصد؟ فخرج الحسن بن علي (ع)، فقال: ما كان إلا أن وضع رجله خارجاً من المسجد فما دريت أين أخذ من أرض اللّه، فرجعت إلى أميرالمؤمنين فأعلمته، فقال: يا أبا محمد أتعرفه؟ قلت: اللّه ورسوله وأميرالمؤمنين أعلم. قال هو الخضر )
نقد الرواية :
وماقيل في القائمة المسرودة هناك يقال هنا ، ثم ان ملامح الأسطورية ظاهرة على هذه الرواية لا تخفى على أحد .
ويكفي هذه الرواية بطلانا أن احد رواتها وهو (أحمد بن محمد البرقي ) من القائلين بتحريف القرآن ، فقد ذكر الطبرسي أن له كتاب في اثبات تحريف القرآن [ فصل الخطاب ، ص 30]
ثم ان النجاشي يقول فيه :
( يروي عن الضعفاء واعتمد المراسيل ) [ رجال النجاشي ص 55 ]
كما اثبت له ايضا كتاب التحريف [ رجال النجاشي ص 55 ]
(6) الرواية السادسة :
(_في النص عليه صلوات اللّه عليه: ما رواه الصدوق عن محمد بن علي بن ماجيلويه عن محمد بن يحيى العطار عن جعفر بن محمد بن مالك الفزاري عن معاوية بن حكيم ومحمد بن أيوب بن نوح ومحمد بن عثمان العمري قالوا: «عرض علينا أبو محمد الحسن بن علي ونحن في منزله وكنا أربعين رجلاً فقال: هذا إمامكم من بعدي وخليفتي عليكم أطيعوه ولا تتفرّقوا من بعدي في أديانكم فتهلكوا، أما إنكم لا ترونه بعد يومكم هذا. قالوا فخرجنا من عنده فما مضت إلا أيام قلائل حتى مضى أبو محمد (ع))

نقد الرواية :
وهذه الرواية من ابطل الروايات ، لأن من رواتها أحد المنتفعين بوجود هذا المهدي المزعوم ، وهو المدعو ( محمد بن عثمان العمري ) المدعي للنيابة عن الطفل المهدي !!!
ثم ان هذه الرواية تنقض مقابلات النواب خاصة الثاني والثالث والرابع للمهدي ، لأن ظاهرها يدل على أنهم لم يروا المهدي بعدها .
ثم ان في سند الرواية ايضا ( جعفر بن محمد بن مالك ) ، وقد ذكر الحر العاملي أن الشيخ النجاشي ضعفه ، وان العلامة ابن طبري الشيعي توقف في امره !
[ خاتمة الوسائل ، ص 156]
وفي سندها ايضا :
(معاوية بن حكيم ) وهو من الفطحية القائلين بإمامة عبدالله الأفطح بن جعفر دون اخيه موسى الكاظم [ رجال الكشي ص 471 ، وخاتمة الوسائل ص 350 ]
فقلي بربك كيف يروي فطحي ويعترف بأحاديث المهدي الذي من سلالة الكاظم !!!
ثم ألا تكفرون من ينكر احد ائمتكم كما تكفرون من ينكر احد الأنبياء ؟؟!!!
(7) الرواية السابعة :
(في أن الإيمان بالأئمة كل لا يتجزأ وأن الاعتراف بهم من دون الإمام الحجة لا يساوي شيئاً وهو كإنكار أميرالمؤمنين (ع): ما نقله في كفاية الأثر عن الحسن بن علي عن أحمد بن محمد بن يحيى العطار عن سعد بن عبدالله عن موسى بن جعفر البغدادي قال: سمعت أبا محمد الحسن بن علي العسكري (ع) يقول: «كأني بكم وقد اختلفتم بعدي في الخلف مني ألا إن المقر بالأئمة بعد رسول الله المنكر لولدي كمن أقر بجميع الأنبياء والرسل ثم أنكر نبوة رسول اللّه (ص)، لأنّ طاعة آخرنا كطاعة أوّلنا، والمنكر لآخرنا كالمنكر لأوّلنا، أما إن لولدي غيبة يرتاب فيها الناس إلا من عصمه اللّه )
نقد الرواية :
وهذه الرواية كفيلة بتكفير معاوية بن حكيم الفطحي !!!
(8) الرواية الثامنة :
(وروى الصدوق عن أبيه عن سعد بن عبداللّه عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب عن أبي عبداللّه (ع) أنّه قال في قول اللّه عز وجل «يَومَ يَأتى بَعضُ آيات رَبِّكَ لا يَنفَعُ نَفساً إيمَانُها لَم تَكُن آمَنَت من قَبلُ»(25) فقال (ع): «الآيات هم الأئمة والآية المنتظرة القائم (عج) فيومئذ لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل قيامه بالسيف وإن آمنت بمن تقدمه من آبائه (ع))
نقد الرواية :
ومع عدم وقوفي الآن على سند هذه الرواية ، إلا انها لا تدل على عين المهدي ابن الحسن !
بل ان الاسماعيلية في كتاب ( آداب الأئمة) للحميدي ص 324 يستدلون بنفس هذه الرواية على مهدوية اسماعيل !
(9) الرواية التاسعة :
( ما رواه الصدوق في كمال الدين عن أبيه ومحمد بن الحسن ومحمد بن موسى المتوكل، عن سعد بن عبداللّه وعبدالله بن جعفر الحميري، ومحمد بن يحيى العطار جميعاً، عن أحمد بن محمد بن عيسى وإبراهيم بن هاشم وأحمد بن أبي عبداللّه البرقي ومحمد بن الحسين بن ابي الخطاب جميعاً، عن أبي علي الحسن بن محبوب السراد عن داود بن الحصين عن أبي بصير عن الصادق جعفر بن محمد (ع) عن آبائه قال: «قال رسول اللّه (ص): المهدي من ولدي اسمه اسمي، وكنيته كنيتي، أشبه الناس خلقاً وخُلقاً تكون له غيبة وحيرة حتى تضل الخلق عن أديانهم فعند ذلك يقبل كالشهاب الثاقب فيملؤها قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً)
نقد الرواية :
وهذه الرواية عائمة ايضا لأنها ايضا تنطبق على محمد بن اسماعيل بن جعفر !
ثم ان في سندها ( البرقي) وقد تقدم ذكره.
وفي سندها ايضا ( ابو بصير )
قال عنه هاشم معروف الحسيني :
( والذي يكنون بأبي بصير اربعة ... وكلهم من المتهمين وافضلهم ابو بصير ليث - صاحبنا هذا - حيث وثقه جماعة وطعن فيه آخرون ونسبوا اليه مايشعر بفساد عقيدته )
[ الموضوعات ص 233]
وقد تكاثرة الروايات عنه انه كان ممن يطعن على الأئمة بالسحت والنفاق ..انظر الى :
[ رجال الكشي ص 172و169 / الموضوعات 233/ تنقيح المقال للمامقاني ج 2 ص 45 / وسائل الشيعة للحر العاملي ج 16 ص 287]
فلتهنأك هذه الرواية !!!!
(10) الرواية العاشرة :
(في أن من الابتلاء للخلق في زمان غيبته أن يشك البعض في ولادته: ما رواه الشيخ الصدوق في كمال الدين عن أحمد بن محمد بن يحيى العطار عن سعد بن عبداللّه عن أحمد بن محمد بن عيسى عن عثمان بن عيسى الكلابي عن خالد بن نجيح عن زرارة بن أعين، قال: سمعت أبا عبداللّه (ع) يقول: «إن للقائم غيبة قبل أن يقوم. قلت له: ولم؟ قال: يخاف وأومأ بيده إلى بطنه، ثم قال: يا زرارة هو المنتظر وهو الذي يشك الناس في ولادته منهم من يقول هو حمل ومنهم من يقول هو غائب، ومنهم من يقول ما ولد ومنهم من يقول ولد قبل وفاة أبيه بسنتين، غير أن اللّه تبارك وتعالى يحب أن يمتحن الشيعة، فعند ذلك يرتاب المبطلون)

نقد الرواية :
وهذه في سندها (زرارة بن أعين )
وقد قال عنه الصادق في رواية : ( زرارة شر من اليهود والنصارى )
[ رجال الكشي ص 160 / تنقيح المقال ج 1 ص 443]
وقد قال عنه الصادق : ( كذب علي - كررها ثلاثا - لعن الله زرارة لعن الله زرارة لعن الله زرارة)
[ رجال الكشي ص 147 / تنقيح المقال ج 1 ص 443 / معجم الرجال للخوئي ج 7 ص 141]
(11) الرواية الحادية عشرة :
(ما ورد من النص على أنه قد ولد، وأنه عجل اللّه فرجه يحضر موسم الحج فيعاين الخلق، وقد رآه ـ من جملة من رآه ـ نائبه الخاص (في الغيبة الصغرى) محمد بن عثمان العمري في الموسم متعلقاً بأستار الكعبة)
نقد الرواية :
ويكفي طعنا في هذه الرواية أن راويها هو أحد النواب المتمصلحين ماديا ، وراء فكرة المهدي الطفل !
ثم هو محل نزاعنا الآن ولا يجوز الإستدلال بما هو محل للنزاع .
(12) الرواية الثانية عشر :
( الشيخ الصدوق في الفقيه بسند صحيح عن عبدالله بن جعفر الحميري أنه قال: سألت محمد بن عثمان العمري رضي اللّه عنه، فقلت له: رأيت صاحب هذا الأمر؟ قال: «نعم، وآخر عهدي به عند بيت اللّه الحرام، وهو يقول: اللهم أنجز لي ما وعدتني. قال محمد بن عثمان رضي اللّه عنه وأرضاه: ورأيته صلوات اللّه عليه متعلقاً بأستار الكعبة وهو يقول: اللهمّ انتقم لي من أعدائك)
نقد الرواية :
يقال فيها ماقيل في قبلها !
(13) الثالثة عشرة :
(رواية حكيمة )
نقد الرواية :
وتعد هذه الرواية من اصول الروايات التي تثبت وجود المهدي ، فهل هي فعلا تدل على المهدي بدليل صحيح ؟
طبعا لن نتحدث عن متن هذه الروايات الواردة عن حكيمة وعن مدى تناقضها وتضاربها ‍‍‍‍!
بل سنكتفي ببيان سندها :
ففي كتاب الصدوق (اكمال الدين ) ص 424 :
جاء في سندها الحسين بن رزق وهو شخص مجهول لا وجود له في تراجم الرجال ، القطع انه شخصية مختلقة .
وجاء ايضا في بعض اسانيدها الحسين بن عبيد الله وهو مطعون عليه بالغلو.
كما انه جاء في اسنادها (الطهوي او الظهري ) وهو لا وجود له في التراجم وهو شخص مختلق !
اما عند الشيخ الطوسي في كتابه الغيبة ص 138 فقد سمى حكيمة بخديجة !
ويسمي ام المهدي بسوسن وليس نرجس .
ففي رواية يذكر في سندها الحسين بن رزق وهو مجهول .
وفي رواية يسندها الى من يسميهم بالشيوخ وهم مجهولين ودون ان يسميهم !
وفي رواية اخرى ذكر في سندها حمزة بن زكريا وهذا الرجل ضعفه النجاشي !
وفي رواية اخرى جاء في سندها محمد بن علي بن بلال المشهور المدعي للنيابة الكاذبة !
وجاء في سندها ايضا احمد بن علي الرازي وهو رجل ضعفه الطوسي نفسه والنجاشي وابن الغضائري ويتهمونه بالغلو !
وفي رواية اخرى جاء في سندها احمد الأهوازي وهو مجهول بل مختلفق !
وايضا جاء فس سندها محمد بن حموية الرازي وهو مختلق ايضا لا وجود له في التراجم!
فقلي بربك كيف تثبت بهذه الروايات المتهافته اصلا من اصول دينك ؟؟؟؟
______________________________________________________
أما الكتب التي تذكرها لأهل السنة !!!
فأقول :
لقد ابعدت النجعة وفارقة الصواب واليك البيان :
- ابن العربي صوفي ملحد القائل بنظرية وحدة الوجود الكفرية ! وهو المدعي انه هو خاتم الأولياء الذي هو افضل من خاتم الأنبياء !
- القندوزي - ارجوا ان تكلف نفسك وتبحث عن ترجمته في كتب اهل السنة هل تجده ؟
- ابن الصباغ المالكي - شيعي محتال كذاب مستتر تحت مذهب الشافعية وقيل المالكية يقول عنه المحدث الشيعي يوسف البحراني ك
(انه شيعي امامي في الواقع وان اظهاره احد المذهبين تقية واستصلاح وقد وقع مثله - اي في الكذب والإختيال - في رجالنا كثيرا) [ الكشكول ج 3 ص 20]
- الشعراني صوفي .
* ثم يبقى عليك ان تورد لنا عبارات هؤلاء ونصوصهم مع الأسانيد كي نحكم عليها ، وليس العبرة بسرد الأسماء !
اللهم بصرنا الحق حق وارفع من قلوبنا الحسد والمكابرة ........آمين !
------------------
بالعلم والحلم نكون اخوان !
فرح محبة سلام !

حقيقة المهدي المنتظر عند الشيعة الإمامية الإثنا عشرية

(أدت وفاة الامام الحسن العسكري دون إعلانه عن وجود خلف له الى تفجر ازمة عنيفة في صفوف الشيعة الامامية الموسوية الذين كانوا يعتقدون بضرورة استمرارالامامة الالهية الى يوم القيامة...وحدثت ثورة شك عارمة وحيرة عظيمة وتساؤل لا ينتهي عن مصير الامامة بعد العسكري وتفرقة الشيعة الى فرق شتى تلعن بعضها بعصا وتكف بعضها بعضا.
والسؤال الوجيه الذي نطرحه على الشيعة قبل عرض شهادات علماء الشيعة - هو:
مادمتم تقولون :
(1) أن الأمامة قد نص عليها في القرآن والسنة نصا صريحا جليا.
(2) أن الأئمة عليهم السلام كانوا يعلمون عدد الأئمة وبأسمائهم وصفاتهم..وقد جاءذلك في حديث جابر الأنصاري المتواتر.
(3) أن اسماء الأئمة وصفاتهم وأعدادهم ..وخبر ابن العسكري المهدي قد فصل فيه القول الامام علي رضي الله عنه...وذلك في كتاب (سليم بن قيس العامري الهلالي) وقد ألف هذا
الكتاب في العصر الأموي..ويعد من أهم واعظم كتب الشيعة ..ويقول النعماني : ( انه من الاصول التي يرجع اليها الشيعة ويعولون عليها)
(3) أن الأمامة بالتنصيب وتكون على الملأ وبالإعلان..
- عن عبد الأعلى بن أعين قال : قلت لأبي عند الله الصادق : ما الحجة على المدعي بهذاالأمر ؟ قال : أن يكون أولى الناس بمن قبله ويكون عنده سلاح الرسول ويكون صاحب الوصية الظاهرة الذي اذا قدمت المدينة سألت العامة والخاصة والصبيان الى من أوصى فلان ؟ فيقولون : الى فلان)
أصول الكافي - للكليني : (1/284)
اثبات الوصية - المسعودي 196)
وعن عبد الأعلى قال :قلت لأبي عبد الله :بلغني أن محمد بن عبد الله يدعي الوصية في السر!
فقال: من ادعى الوصية في السر فليأت ببرهان في العلانية. قلت : وما هو البرهان؟ قال:يحلل حلال الله ويحرم حرامه)
اثبات الوصية - (196)
وهذا يدل على وجوب ظهور الامام المقيم للشرع والحاكم به بين الناس.
وعن محمد بن الحسين قال سألت الرضى بأي شيء يعرف الامام بعد الامام ؟
فقال: اذا قدم الركب المدينة سأل الى من أوصى فلان فيقولون الى فلان)
اثبات الوصية- (221)
وعن سعيد بن الزيات عن القندي قال: كنت عند موسى بمكة وبين يديه علي ابنه .فقال لي : هذا علي ابني قوله قولي وكتابه كتابي وخاتمه خاتمي )
أصول الكافي - (1/312)
عيون اخبار الرضا - القمي : (1/31)
اثبات الوصية - ( 215).
اذا ومما ذكر : الإمامة من أصول الدين وقد ذكرها ونص عليها القرآن وفصلتها السنة بأسماء أصحابها .ولا بد للوصي أن يقيم من بعده أمام الناس حتى يعرفه العامة والخاصة حتى الأطفال.....وبعد هذا نسوق الى الأخوة شهادات علماء الشيعة المعاصرين لمرحلة الغيبة والحيرة.
يذكر الصدوق في كتابه (اكمال الدين - 475) من حديث ابي الاديان البصري الذي يعرف بأنه خادم الامام العسكري ورسوله في مختلف الامصار...يقول: ان عامة الشيعة عزوا جعفرا وهنأوه وكان من ضمنهم عثمان بن سعيد العمري( المشهور بالنائب الأول)
ويذكر كلا من النوبختي والاشعري والقمي والمفيد : ان شيعة الامام العسكري قداعترفوابالظاهر وسلموا بعدم وجود ولد للعسكري . وآمنوا بامامة اخيه جعفر .
المقالات والفرق - القمي (110)
فرق الشيعة- النوبختي (99)
الفصول المختارة - المفيد (259).
ويقول الشيخ الخصيبي : ( ان جماعة من أهل قم منهم ابو الحسن بن ثوابه وابوعبد الله الجمال وابو علي الصائغ والقزويني كانوا يأخذون الاموال من الشيعة باسم جعفرويأكلونها ولا يوصلونها اليه )
الهداية للخصيبي (383-391)
ويذكر كلا من النوبختي والقمي والكليني والمفيد والطوسي والصدوق والحر العاملي : ان قسما كبيرا من الشيعة الامامية ذهبوا الى القول بالتوقف وانقطاع الامامةواحتجواببعض الاخبار الموثقة عن الباقر والصادق حول امكانية انقطاع الامامة)
الكافي - (1/343)
اكمال الدين -(230)
اثبات الهدات - (3/477)
الغيبة -الصدوق (244)
الفصول المختارة - (260)
فرق الشيعة - (105)
المقالات - (115)
ويذكر المؤرخان المعاصران للغيبة (القمي والنوبختي):
ان قسما ةاسعا من الشيعة تراجعة من امامة الحسن العسكري وقالوا : ان القول بإمامته غلط وحطأ وجب علينا الرجوع منه وقد ادعى الامامة باطلا)
الفرق - النوبختي 114)
المقالات - القمي 110)
وذهبت شريحة من الشيعة الى القول بمهدوية الحسن العسكري وانه هو صاحب الزمان.
وروو حديثا يقول : ان القائم اذا بلغ الناس خبر قيامه قالوا : كيف يكون فلان اماما وقد بليت عظامه)
فرق الشيعة -(98)
المقالات -(106)
اكمال الدين - (40)
وذهب جزء من الشيعة الى امامة محمد بن علي اخو الحسن.
فرق الشيعة-(101)
الفصول - (260)
في حين ذهب طائفة من الشيعة الامامية الجعفرية الى التوقف .
فرق الشيعة - (98)
المقالات - (106)
اكمل الدين - (40)
وذهب معظم الامامية الى الحيرة والشك بل لقد رجع منهم خلق كثير الى اهل السنة...
وقد قال هؤلاء:
(لا ندري مانقول في ذلك !! وقد اشتبه الامر علينا فلسنا نعلم ان للحسن ولد أم لا ؟؟أم ان الامامة صحت لجعفر ام لا؟ وقد كثر الاختلاف ...إلا انا نقول: ان الحسن كان امامامفترض الطاعة وقد توفي وصحت وفاته والارض لا تخلو من حجة فنحن نتوقف ولا نقدم علىالقول بامامة احد بعده اذ لم يصح عندنا ان له خلفا وخفي علينا امره ولا نقطع على امامة احد من ولد غيره فانه لا خلاف بين الشيعة : انه لا تثبت امامة امام الا بوصيةابيه اليه وصية ظاهرة)
الفصول - المفيد (260)
المقالات - القمي (115)
فرق الشيعة - (108)
وظهرة فرقة من الشيعة الامامية تقول بالجنين ؟ اي ان للحسن ولد ولكنه جنين في بطن امه (صقيل أو نرجس أو مليكة أو سوسن أو ريحانة أو خمط أو مريم ..)
وأنه سيظل جنينا الى قرب وقت الظهور في نهاية الزمان ..وروو عن الرضا(انكم ستبتلون بالجنين في بطن امه والرضيع)
الفصول - المفيد (260)
المقالات - (114)
فرق الشيعة (108)
والجدير بالذكر أن هذه الفرقة هي الممهدة لفكرة وجود طفل مستور للحسن.
وظهرة فرقة بقيادة النائب الأول تطلب الأموال بإسم الطفل المستور للحسن وهذاالنائب هو عثمان بن سعيد العمري...وأخذ الأموال باسم هذا الطفل المستور..وسميت هذه الفرقة بالأثنا عشرية.
والجدير بالذكر أن فكرة أختفاء الإمام وستره فكرة قديمة عند الفرق الباطنية وأول من قال بهذه الفكرة هو المختار بن عبيد الثقفي. وتتالت الاختلاقات ومرة على فرقة الاسماعيلية والواقفية والعلوية وغيرها.
يقول الصدوق : ( وجدت اكثر المختلفين الي من الشيعة قد حيرتهم الغيبة ودخلت في امر القائم الشبهة) ...وذكر كلا من الكليني والنعماني والصدوق مجموعة من الروايات الكثيرة التي تؤكد وقوع الحيرة واختلاف الشيعة وتشتتهم واتهام بعضهم البعض بالكذب والكفر والتفل على بعض وفي الوجوه واللعن والضرب بالنعال.
الكليني (1/366) الكافي
الغيبة- النعماني 89-206)
عيون اخبار الرضا ك(68)
اكمال الدين (408)
ويقول النعماني في كتابه (الغيبة):
(ان الجمهور (الشيعة) يقولون في (الموصى له) : اين هو ؟
فمنهم من يذهب الى انه ميت ومنهم من ينكر ولادته ويجحد وجوده ويستهزيء بالمصدق به !!ومنهم من يستبعد المدة ويستطيل الأمد)(ص 113)
ويقول ايضا : ( أي حيرة أعظم من هذه الحيرة؟؟!! التي أخرجت من هذا الأمر الخلق الكثير
والجم الغفير ولم يبقى ممن كان الا النزر اليسير وذلك لشك الناس) (ص 186)
وقد شكك محمد الصدوق في تحديد الأئمة في اثني عشر اماما.(اكمال الدين-77)
ونقل الكفعمي في (المصباح) عن الامام الرضا الدعا حول (صاحب الزمان) قوله اللهم صل على ولاة عهده والأئمة من بعده)مفاتيح الجنان - القمي (ص 542)
ويبدي الشيخ يوسف البحريني شكه في عدد الأئمة ويقول فانه يدل بظاهره كما ترى على كون اولئك الذين يكونون بعده أئمة!!مع استفاضة الاخبار بانحصارها في الاثنى عشرالذي المهدي آخرهم ...فليتأمل) الكشكول (ج 3 ص 190)
ويقول المؤرخ الشيعي الامامي المسعودي : ( ان أصل القول في حصر الأئمة باثني عشر ماذكره سليم بن قيس الهلالي في كتابه) التنبيه والاشراف (198) والغدير للأميني (ج 1 ص 195)
ويقول الشيخ المفيد عن كتاب الهلالي هذا :
(انه غير موثوق به ولا يجوز العمل به على اكثره وقد حصل فيه تخليط وتدليس فينبغي للمتدين ان يتجنب العمل بكل ما فيه ) أوائل المقالات - للمفيد (ص 247)
وشن المفيد هجوما عنيفا على الشيخ الصدوق وقال عنه : ( انه على مذهب اصحاب الحديث في العمل على ظواهر الالفاظ )أوائل المقالات (ص 242)
ولهذا اعترض الشيعة الزيدية وقالوا : ( ان الرواية التي دلت على ان الأئمة اثنا عشر
قول أحدثه الشيعة الامامية قريبا وولدوا فيه أحاديث كاذبة)
اكمال الدين - الصدوق (75)
وقد وقف الشيخ الصدوق من اتهامات الزيدية موقف المتفرج ولم ينف التهمة ولم يرد عليها ..وانما برر ذلك بالقول : ( ان الامامية لم يقولوا :ان جميع الشيعة بما فيهم زرارة (من اكبر اصحاب الصادق) كانوا يعرفون الأئمة الاثنى عشر)...ثم لفق الصدوق
تبريرا له وقال : ( ان الكاظم قد استوهبه من ربه لجهله بالامام لأن الشاك فيه على غير دين الله)اكمال الدين (76)
وقد رد الرضا على الواقفية القائلين بغيبة الكاظم بانه لا بد من امام حي ظاهر يعرفه الناس ويرجعون اليه) وقال ان الحجة لا تقوم لله الا بامام حي يعرف) وقال قبله الرسول صلى الله عليه وسلم : ( من مات وليس له امام يسمع له ويطيع مات ميتة جاهلية)
الكليني - الكافي (1/177)
قرب الاسناد - للحميري (203)
وقال الرضا من مات وليس عليه امام حي ظاهر مات ميتة جاهلية..فسأله احد الواقفية مستوضحا ومركزا على كلمة (امام حي ) فاكد له مرة اخرى)
الكافي -(1/177)
قرب الاسناد -(203)
ويقول محمد بن علي الشلمغاني الذي كان وكيلا عن الحسين بن روح النوبختي (النائب الثالث عند الاثنا عشرية) في بني بسطام ثم انشق عنه وادعى النيابة بدلا عن النوبختي.
يقول: ( ما دخلنا مع الحسين بن روح في هذا الأمر(يقصد النيابة عن الطفل واخذ الاموال) الا ونحن نعلم فيما دخلنا فيه لقد كنا نتهارش على هذا الامر كما تتهارش الكلاب على الجيف)
الغيبة - الامام الطوسي (241)
ولقد كان الشيعة يأملون بظهور هذا المهدي في اثناء وجود دولة للشيعة تحمي المهدي. لذلك فقد تجرأ احد حكام الدولة البويهية وطرح سؤالا على الشيخ المفيد وهو لماذالايخرج المهدي عندنا الان لأنه آمن على نفسه ؟؟ فأحل المفيد العلم عند الله .واعترف بكثرة الشيعة في ظل الدولة البويهية الشيعية ولكنه شكك في صدقهم وشجاعتهم وتقواهم)
الأمالي - المفيد (ص 390)
وقد كذب الشيخ الصدوق الواقفية في زعمهم بقا الكاظم كل هذه السنين عائش.لأنه لايعقل بقاءه فوق العمر المعهود لأنه تجاوز المائة .
الطوسي - الغيبة (76-78)
وقد اضطرب أمر صاحب الزمان حتى ظن انه جفر الصادق..فقد روي عن جانر الجعفي انهماسألا الباقر عن القائم؟ فقال وقد ضرب بيده على ابي عبد الله : هذا والله قائم آل محمد بعدي)
اثبات الوصية(194)
ومن أجل ان يزيح الامامية الاسماعيلية عن الامامة وضعوا روايات تنال من اسماعيل.فقد روى ابي جعفر الضرير قال: كنت عند الصادق وعنده ابنه اسماعيل . فسألته عن قبالة الارض فأجبني فيها .فقال اسماعيل : يا ابت لم تفهم ما قال لك) اثبات الوصية(205)
وروى حماد بن عيسى عن ربعي عن عمر بن يزيد قال : مررت على الصادق وقد مضى فلقيت ابنه عبدالله الافطح فقلت له من صاحب الامر بعد ابيك؟ فقال : أنا)اثبات الوصية(206)
وقد ادعى عبد الله الامامة بعد ابيه الصادق .
الارشاد - المفيد (291)
اثبات الوصية (206)
ولهذا وضع كل فريق انه هو الامام وان ابوه هو الذي نصبه امام الناس.
وقد قيل لأبي الحسن : بم يعرف الامام ؟ فقال: بخصال أولها النص عليه من ابيه ونصبه للناس علما وحجة لان الرسول نصب علي علما وحجة وكذلم الائمة نصب الاول الثاني)
الارشاد - (293)
دلائل الامامة (169)
اثبات الوصية (210)
وبعد هذه السرد العلمي الموثق نقول :
هل كانت اسماء الأئمة معروفة ؟
هل كان عددهم معروف ؟
هل اتفق أهل البيت على الأئمة؟
لماذا ادعى العشرات من أهل البيت الأمامة والنص ؟
لماذا هذه الحيرة والغيبة والشك التي اخرجت الشيعة بالأفواج من التشيع؟
هذه اسئلة بديهية وواضحة ...فليتأملها من له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد..وصلى الله على سيد الانبياء والمرسلين واخر الرسل والحجج صلى الله عليه وسلم..والله أعلم)

6‏/9‏/2012

الزواج ـ للشيخ / محمد بن صالح العثيمين

الزواج
للشيخ / محمد بن صالح العثيمين
ص -3- بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه و نستغفره و نتوب اليه و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له و أشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له و اشهد أن محمدا عبده و رسوله صلي الله على اله وأصحابه و سلم تسليما كثيرا.
أما بعد: فإنني مسرور بما تيسر لي من المشاركة في الموسم الثقافي للمحاضرات في كليتي الشريعة و اللغة العربية بالقصيم1 لما ارجوه من الفائدة التي تحصل لي و لمن سمع محاضراتي أو قرأها إن شاء الله تعالى و اسأل الله تعالى أن يجعل عملنا جميعا خالصا لوجهه موافقا لمرضاته.
و لكنني أحب أن أقدم كلمة قبل الدخول في صميم المحاضرة تكون مناسبة – إن شاء الله – و هي أنكم تعرفون

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 كان ذلك في ليلة الثلاثاء 7/3/1398.



ص -4- أيها الاخوة.. و أيها المشايخ إن الإسلام في عصرنا هذا محارب من جهات متعددة.
1- من جهة الأفكار، من جهة الأخلاق، من جهة العقائد.
و أنه كلما شنت الغارات وقويت فانه يجب أن يكون لها مضاد يقابلها بل يكون اعلي منها فإذا لم يكن ذلك فان معناه القضاء على الإسلام.
وهذا أمر في أعناق أهل العلم و أهل الدين، يجب عليهم أن يبذلوا الجهد ما استطاعوا بان يمنعوا هذه التيارات التي جاءتنا من كل جانب و التي أصبح الإنسان فيها بل الحليم حيران لا يدري كيف يتصرف؟
ولقد كنا نسمع كثيرا إن أعداء المسلمين يقولون: انه يجب التركيز على – المملكة العربية السعودية – لكونها مهد الإسلام و قبلة المسلمين و قدوتهم، ولهذا تجدهم يشنون الغارات الشرسة و المكايد المحكمة و يكرسون جهودهم لحرب هذه المملكة و إذا لم يقم أهل هذه المملكة من



ص -5- علماء ومن مخلصين بإيصاد الباب أما هؤلاء و سوف يجوسون خلال الديار و سوف تجدون أمورا تنكرونها غاية الإنكار.
و الذي يجب علينا أمام هذه التيارات أيها الاخوة هو:
1- توحيد الدعوة
2-توحيد الجهد
3-الا نجعل بيننا مكانا لموطئ قدم من الأعداء
و لكني أقول بالحقيقة أننا نعمل على ذلك كل منا كأنما يعمل وحده لا نجد اثنين الا ما شاء الله على هدف واحد أو بعبارة اصح على طريق واحد و إن كان الهدف متحدا.
لذلك أرى أن من واجب علماء هذه المملكة سواء في الرياض أو في الحجاز أو في القصيم أو في غيرها من مناطق المملكة إن يجتمعوا على كلمة واحدة و أن يدرسوا الموضوع بجد لأنه خطير فيما أرى، يدرسوه دراسة



ص -6- وافية لا فيما يتصل بوسائل الإعلام و لا فيما يتصل بوسائل الثقافة و مناهج المدارس و مقرراتها و لا فيما يكون بين عامة الناس من الانحراف و الانصراف عن أصول دينهم و فروعه.
و نحن نجد كثيرا من طلاب العلم مشغولون بغير ما هم مكلفون به بطلب الدنيا و الإقبال عليها و الالتفاف حولها و هذا في الحقيقة يضعف دعوتهم إلي الخير، يضعف قبولها أمام العامة أيضا فان لسلوك العالم خطرا بالغا في تأثيره على من حوله فإذا كان العامة لا يجدون من أهل العلم الا التكالب على الدنيا كما يتكالب عليها السوقة من عامة الناس فإنهم لن يثقون أبدا بما عندهم من الإرشادات و العلوم.
كذلك أيها الاخوة بالنسبة لولاة الأمور يجب علينا مناصحتهم لأن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "الدين النصيحة" ثلاثة مرات قالوا: لمن يا رسول الله ؟ قال: "لله و لكتابه



ص -7- و لرسوله و لائمة المسلمين و عامتهم"1 .
فالواجب علينا مناصحة ولاة الأمور و الا نعتمد على رجل أو رجلين أو ثلاثة أو أربعة، يناصحون ولاة الأمور، فولاة الأمور إذا كثر ناصحوهم و عرفوا الحق من كل جانب و جاءتهم النصيحة من كل وجه فإنهم لا بد أن يلتفتوا إلي ذلك و أن يسلكوا المنهج الذي نسال الله تعالى أن يوفقهم له، وهو منهج النبي صلي الله عليه وسلم ظاهرا و باطنا.
كذلك بالنسبة للعامة نجد أكثر المساجد – مع الأسف – غالب أئمتها جهال ولا يرشدون و لا ينصحون لا يتكلمون و كان الناس قبل وقتنا الحاضر و قبل أن تفتح عليهم الدنيا، يأخذ إمامهم و أن لم يكن من طلبة العلم بعض الكتب المعتمدة، فيقرؤها على المصلين و ينتفعون بها، أما اليوم فغالب المساجد لا يقرا فيها شئ و لا يوجه الإمام


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 رواه مسلم كتاب الإيمان باب بيان أنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون رقم 55.



ص -8- جماعته إلي ما ينفعهم و لهذا تجد عزوف العامة عن المسائل الدينية كثيرا جدا و هذا كله بتقصير من أهل العلم و بتقصير ممن يهمهم هذا الأمر، فعلينا أيها الاخوة إن نجتمع و أن نوحد جهودنا و أن نناصح ولاة أمورنا و أن نبذل الجهد في نصح عامة المسلمين في المساجد و الطرقات و غيرها ما استطعنا إلي ذلك سبيلا.
و شئ آخر مهم جدا وهو العزلة بين الشباب و الشيوخ هذه العزلة التي أصبح الشباب فيها حيران لا يهتدون سبيلا كل هذا في الحقيقة من تقصير كبار السن وعدم التفات بعضهم إلي الشباب مطلقا حتى إنهم لا يصغون لهم وان قالوا رشدا و هذا من الخطأ فالواجب علينا أن نكون مع هؤلاء الشباب وان ننظر ما هم عليه و أن نلاحظ ما حولهم مما يؤثر عليهم و ما السبب الذي أوجب لهم هذا العزوف و الانصراف عن الإقبال على دينهم ؟ حتى إذا عرفنا الداء أمكننا أن نقوم بإعطاء الدواء.
و أما كوننا إذا سمعنا ما لا ينبغي عن بعضهم أعرضنا عن



ص -9- الجميع ثم نبذناهم و جعلنا نسبهم في كل مكان و لا نبالي بشأنهم و ننظر إليهم بعين الاحتقار فهذا مما يوجب الشر العظيم من بعد الشباب عن الشيوخ و عن أهل العلم و الدين حتى تقودهم الشياطين إلي ما تريد.
فعلينا أيها الاخوة أن نراعي هذه المسالة الخطير وان نلقي لها بالا و نحسب لها حسابا.
و على المدرسين خصوصا: أن يجتهدوا في تثقيف الطلبة تثقيفا دينيا و أن يرغبوهم فيما جاء به النبي صلي الله عليه وسلم من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم وأن يبصروهم بالدين على حقيقته و أن يكشفوا لهم الأحكام الشرعية كشفا واضحا مع بيان أسرار الشريعة وحكمتها لأني أري أن التعليم و لا سيما الجامعي فيه بعض النقص و ذلك أن بعض المدرسين يلقي الدرس جافا أي إنهم "لا يبينون للطلبة دليل حكم المسالة و لا حكمته" و واقع المؤمن أن ينقاد إلي أمر الله و رسوله سواء علم الحكمة أم لا. قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ}



ص -10- [الأحزاب- 36] ولكنه إذا عرف الحكمة ازداد اطمئنانا و تطبيقا ورغبة في الشريعة و لهذا أحث إخواني المدرسين على أن يلقوا العلم إلي الطلبة دسما حيا محركا للقلوب مهذبا للنفوس ينشرح به الصدر و تطمئن اليه النفس.
و الآن ارجع إلي صميم المحاضرة:
لقد كان موضوع محاضرتي هذه"عقد النكاح و آثاره و ما يترتب عليه و غير ذلك من بعض ما يتعلق به".
و اخترت هذا الموضوع لأهميته و جهل كثير من الناس بكثير من أحكامه، ولما يتصل به من المشكلات الاجتماعية التي يتمنى كل مخلص و ناصح لدينه و أمته أن ييسر حلها، فان المشكلات كلما طرقت و ألقيت الأضواء عليها تيسر حلها و إذا تناساها الناس و أغمضوا عيونهم بقيت كما هي أو زادت غموضا و إشكالا.
وقد عقدت لهذا الموضوع عشرة فصول:
الفصل الاول: في معنى النكاح لغة وشرعا.
الفصل الثاني: في حكم النكاح.



ص -11- الفصل الثالث: في شروط النكاح.
الفصل الرابع: في أوصاف المرأة التي ينبغي نكاحها.
الفصل الخامس: في المحرمات في النكاح.
الفصل السادس: في العدد المباح في النكاح.
الفصل السابع: في الحكمة من النكاح.
الفصل الثامن: في الآثار المترتبة على النكاح و منها:
1- المهر. 2- النفقة. 3- الصلة بين الأصهار. 4- المحرمية. 5-الميراث
الفصل التاسع: في حكم الطلاق و ما يراعى فيه.
الفصل العاشر: فيما يترتب على الطلاق.
فنقول مستعينين بالله تعالي، مستهلين منه التوفيق والسداد راجين منه النفع للعباد.



ص -12- الفصل الأول: في معنى النكاح لغة و شرعا
النكاح في اللغة: يكون بمعنى عقد التزويج و يكون بمعنى وطء الزوجة قال أبو علي القالي: "فرقت العرب فرقا لطيفا يعرف به موضع العقد من الوطء، فإذا قالوا: نكح فلانة أو بنت فلان أرادوا عقد التزويج، وإذا قالوا: نكح امرأته أو زوجته لم يريدوا إلا الجماع و الوطء".
ومعنى النكاح في الشرع: "تعاقد بين رجل و امرأة يقصد به استمتاع كل منهما بالآخر و تكوين أسرة صالحة و مجتمع سليم".
ومن هنا نأخذ انه لا يقصد بعقد النكاح مجرد الاستمتاع بل يقصد به مع ذلك معنى آخر هو (تكوين الأسرة الصالحة و المجتمعات السليمة) لكن قد يغلب احد القصدين على الآخر لاعتبارات معينة بحسب أحوال الشخص.



ص -13- الفصل الثاني في حكم النكاح:
النكاح باعتبار ذاته مشروع مؤكد في حق كل ذي شهوة قادر عليه. وهو من سنن المرسلين، قال الله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً} [الرعد-38].
وقد تزوج النبي صلي الله عليه وسلم و قال: "إني أتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني"1.
و لذلك قال العلماء: إن التزويج مع الشهوة أفضل من نوافل العبادة لما يترتب عليه من المصالح الكثيرة و الآثار الحميدة التي سنبين بعضها فيما بعد إن شاء الله.
و قد يكون النكاح واجبا في بعض الأحيان كما إذا كان


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 رواه البخاري كتاب النكاح باب الترغيب في النكاح – رقم "5063" و مسلم في كتاب النكاح باب من استطاع منكم الباءة فليتزوج – رقم"1401".



ص -14- الرجل قوي الشهوة ويخاف على نفسه من المحرم إن لم يتزوج فهنا يجب عليه أن يتزوج لاعفاف نفسه وكفها عن الحرام ويقول النبي صلي الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فانه أغض للبصر و أحصن للفرج و من لم يستطع فعليه بالصوم فانه له وجاء"1


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 رواه البخاري كتاب النكاح باب من لم يستطع الباءة فليصم رقم "5066" ومسلم كتاب النكاح باب من استطاع منكم الباءة فليتزوج – رقم"1401".



ص -15- الفصل الثالث: في شروط النكاح
من حسن التنظيم الإسلامي ودقته في شرع الأحكام إن جعل للعقود شروطا بها و تتحدد فيها صلاحيتها للنفوذ و الاستمرار فكل عقد من العقود له شروط لا يتم الا بها و هذا دليل واضح على أحكام الشريعة و إتقانها وأنها جاءت من لدن حكيم خبير يعلم ما يصلح للخلق و يشرع لهم ما يصلح به دينهم و دنياهم حتى لا تكون الأمور فوضى لا حدود لها و من بين تلك العقود عقد النكاح فعقد النكاح له شروط نذكر منها ما يأتي وهو أهمها:
1- رضا الزوجين: فلا يصح إجبار الرجل على نكاح من لا يريد و لا إجبار المرأة على نكاح من لا تريد.
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهاً}"النساء:19". وقال النبي صلي الله عليه وسلم: "لا تنكح الأيم حتى تستامر و لا تنكح البكر حتى تستأذن"، قالوا: يا



ص -16- رسول الله و كيف إذنها ؟ قال: "أن تسكت"1
فنهى النبي صلي الله عليه وسلم عن تزويج المرأة بدون رضاها سواء أكانت بكرا أم ثيبا الا أن الثيت لا بد من نطقها بالرضا و أما البكر فيكفي في ذلك سكوتها لأنها تستحي من التصريح بالرضا.
و إذا امتنعت عن الزواج فلا يجوز أن يجبرها عليه احد و لو كان أباها، لقول النبي صلي الله عليه وسلم: "و البكر يستأذنها أبوها"2.
و لا أثم على الأب إذا لم يزوجها في هذه الحال لأنها هي التي امتنعت و لكن عليه أن يحافظ عليها و يصونها.
و إذا خطبها شخصان، وقالت: أريد هذا و قال وليها: تزوجي الآخر، زوجت بمن تريد هي إذا كان كفئا لها أما إذا كان غير كفء فلوليها أن يمنعها من زواجها به و لا إثم


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 رواه البخاري كتاب النكاح باب لا ينكح الأب و غيره البكر و الثيب الا برضاها رقم"5136" و مسلم كتاب نكاح باب استئذان الثيب في النكاح رقم" 1419".
2 رواه مسلم كتاب النكاح باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق و البكر بالسكوت رقم "1421".



ص -17- عليه في هذه الحال .
2. الولي فلا يصح النكاح بدون ولي،لقول النبي صلي الله عليه وسلم: "لا نكاح إلا بولي"1. فلو زوجت المرأة نفسها فنكاحها باطل ، سواء باشرت العقد بنفسها أم وكلت فيه.
والولي: هو البالغ العاقل الرشيد من عصباتها، مثل الأب، و الجد من قبل الأب، و الابن و ابن الابن و إن نزل و الأخ الشقيق و الأخ من الأب و العم الشقيق و العم من الأب و أبنائهم الأقرب فالأقرب.
ولا ولاية للأخوة من الأم و لا لأبنائهم و لا أبي الأم و الأخوال لأنهم غير عصبة.
و إذا كان لا بد في النكاح من الولي فانه يجب على الولي اختيار الأكفأ الأمثل إذا تعدد الخطاب فإن خطبها


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 رواه أبو داود كتاب النكاح باب في الولي رقم "2085" و الترمذي، كتاب النكاح باب ما جاء لا نكاح إلا بولي رقم "1101" و ابن ماجه كتاب النكاح باب لا نكاح إلا بولي رقم" 1881"



ص -18- واحد فقط وهو كفء و رضيت فانه يجب عليه أن يزوجها به وهنا نقف قليلا لنعرف مدى المسئولية الكبيرة التي يتحملها الولي بالنسبة إلي من ولاه الله عليها فهي أمانة عنده يجب عليه رعايتها ووضعها في محلها و لا يحل له احتكارها لأغراضه الشخصية أو تزويجها بغير كفئها من اجل طمع فيما يدفع اليه، فان هذا من الخيانة وقد قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الأنفال: 27]. وقال تعالى: {إنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ} [الحج:38]. و قال النبي صلي الله عليه وسلم: "كلكم راع و كلكم مسئول عن رعيته"1.
وترى بعض الناس تخطب منه ابنته يخطبها كفء ثم يرده و يرد آخر و آخر و من كان كذلك فان ولايته تسقط و يزوجها غيره من الأولياء الأقرب فالأقرب.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 رواه البخاري كتاب النكاح باب {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً} رقم "5188" و مسلم كتاب الإمارة باب فضيلة الإمام العادل رقم "1829".



ص -19- الفصل الرابع: في صفة المرأة التي ينبغي نكاحها
النكاح يراد للاستمتاع و تكوين أسرة صالحة و مجتمع سليم كما قلنا فيما سبق. و على هذا فالمراة التي ينبغي نكاحها هي التي يتحقق فيها استكمال هذين الغرضين و هي التي اتصفت بالجمال الحسي و المعنوي.
فالجمال الحسي: كمال الخلقة لان المرأة كلما كانت جميلة المنظر عذبة المنطق قرت العين بالنظر إليها و أصغت الإذن إلي منطقها فينفتح إليها القلب و ينشرح إليها الصدر و تسكن إليها النفس و يتحقق فيها قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الروم-21].
والجمال المعنوي: كمال الدين و الخلق فكلما كانت المرأة أدين و أكمل خلقا كانت أحب إلي النفس و اسلم عاقبة.



ص -20- فالمرأة ذات الدين قائمة بأمر الله حافظة لحقوق زوجها و فراشه و أولاده و ماله، معينه له على طاعة الله تعالى، إن ذكرته و أن تثاقل نشطته و أن غضب أرضته.
و المرأة الأدبية تتودد إلي زوجها و تحترمه و لا تتأخر عن شئ يحب أن تتقدم فيه و لا تتقدم في شئ يحب أن تتأخر فيه و لقد سئل النبي صلي الله عليه وسلم أي النساء خير؟ قال: "التي تسره إذا نظر و تطيعه إذا أمر و لا تخالفه في نفسها و لا ماله بما يكره"1 وقال صلي الله عليه وسلم: "تزوجوا الودود الولود فاني مكاثر بكم الأنبياء، أو قال: الأمم"2.
فان أمكن تحصيل امرأة يتحقق فيها جمال المنظر و جمال الباطن فهذا هو الكمال و السعادة بتوفيق الله.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 رواه احمد و النسائي كتاب النكاح باب أي النساء خير رقم "3231".
2 رواه أبو داود كتاب النكاح باب النهي عن تزويج من لم يلد من النساء رقم"2050" و النسائي كتاب النكاح باب كراهية تزويج العقيم رقم " 3227".



ص -21- الفصل الخامس: في المحرمات بالنكاح
قال النبي صلي الله عليه وسلم: "إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها، وحد حدودا فلا تتعدوها"1.
و من جملة الحدود الشرعية التي حد الله تعالى حدودها النكاح حلا و حرمة، حيث حرم على الرجل نكاح نساء معينة لقرابة أو رضاعة أو مصاهرة أو غير ذلك.
و المحرمات من النساء على قسمين:
قسم محرمات دائما و قسم محرمات إلي أجل.
1-محرمات دائما
و هن ثلاثة أصناف:
الصنف الأول: المحرمات بالنسب: وهن سبع ذكرهن الله تعالى بقوله في سورة النساء: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 رواه الدار قطني في سننه "4/184".



ص -22- وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ} [النساء: 23]
1- فالأمهات: يدخل فيهم: الأم، و الجدات سواء كن من جهة الأب أم من جهة الأم.
2- و البنات: يدخل فيهن: بنات الصلب و بنات الأبناء و بنات البنات وان نزلن.
3- و الأخوات: يدخل فيهن الأخوات الشقيقات و الأخوات من الأب و الأخوات من الأم
4- و العمات: يدخل فيهن: عمات الرجل و عمات أبيه و عمات أجداده و عمات أمه و عمات جداته.
5- و الخالات: يدخل فيهن: خالات الرجل و خالات أبيه وخالات أجداده و خالات أمه و خالات جداته.
6- و بنات الأخ: يدخل فيهن بنات الأخ الشقيق و بنات الأخ من الأب و بنات الأخ من الأم و بنات أبنائهم و بنات بناتهم وإن نزلن.
7-و بنات الأخت: يدخل فيهن: بنات الأخت الشقيقة و بنات الأخت من الأب و بنات الأخت من الأم و بنات



ص -23- أبنائهن و بنات بناتهن وإن نزلن.
الصنف الثاني: المحرمات بالرضاع: وهن نظير المحرمات بالنسب.
قال النبي صلي الله عليه وسلم: "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب"1 و لكن الرضاع المحرم لا بد له من شروط منها:
الشرط الأول: أن يكون خمس رضعات فأكثر فلو رضع الطفل من المرأة أربع رضعات لم تكن أما له. لما روى مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان فيما انزل من القران عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفى رسول الله صلي الله عليه وسلم و هي فيما يقرأ من القرآن"2

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1رواه البخاري كتاب الشهادات باب الشهادة على الأنساب و الرضاعة رقم "2645، 2646" و مسلم كتاب الرضاع ما يحرم من الولادة رقم"1447، 1444".
2 رواه مسلم كتاب الرضاع باب التحريم بخمس رضعات رقم "1452".



ص -24- الشرط الثاني: أن يكون الرضاع قبل الفطام أي يشترط أن تكون الرضعات الخمس كلها قبل الفطام فان كانت بعد الفطام أو بعضها قبل الفطام و بعضها بعد الفطام لم تكن المرأة أما له.
و إذا تمت شروط الرضاع صار الطفل ولدا للمرأة و أولادها أخوة له سواء كانوا قبله أو بعده و صار أولاد صاحب اللبن أخوة له أيضا سواء كانوا من المرأة التي أرضعت الطفل أم من غيرها.
وهنا يجب أن نعرف بأن أقارب الطفل المرضع سوى ذريته لا علاقة لهم بالرضاع ولا يؤثر فيهم الرضاع شيئا فيجوز لأخيه من النسب أن يتزوج أمه من الرضاع أو أخته من الرضاع.
أما ذرية الطفل فإنهم يكونون أولادا للمرضعة و صاحب اللبن كما كان أبوهم من الرضاع كذلك.
الصنف الثالث: المحرمات بالصهر:
زوجات الآباء و الأجداد و إن علوا سواء من قبل الأب أم من قبل الأم، لقوله تعالى: {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ



ص -25- آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} "النساء: 22" فمتى عقد الرجل على امرأة صارت حراما على أبنائه و أبناء أبنائه و أبناء بناته و إن نزلوا سواء دخل بها أم لم يدخل بها.
1- زوجات الأبناء وان نزلوا،لقوله تعالى: {وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ} [النساء-23] فمتى عقد الرجل على امرأة صارت حراما على أبيه و أجداده و إن علوا سواء من قبل الأب أم من قبل الأم بمجرد العقد عليها و إن لم يدخل بها.
2- أم الزوجة وجدتها و إن علون، لقوله تعالى: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ}"النساء: 23" فمتى عقد الرجل على امرأة صارت أمها و جدتها حراما عليه بمجرد العقد و إن لم يدخل بها سواء كن جدتها من قبل الأب أم من قبل الأم.
3- بنات الزوجة، و بنات أبنائها و بنات بناتها وان نزلن وهن الربائب و فروعهن لكن بشرط أن يطأ الزوجة فلو حصل الفراق قبل الوطء لم تحرم الربائب و فروعهن، لقوله تعالى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي



ص -26- حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} [النساء: 23] فمتى تزوج الرجل امرأة ووطئها صارت بناتها و بنات أبنائها و بنات بناتها و إن نزلن حراما عليه سواء كن من زوج قبله أم من زوج بعده أما إن حصل الفراق بينهما قبل الوطء فان الربائب و فروعهن لا يحرمن عليه.
2- المحرمات إلي أجل
وأما المحرمات إلي أجل فمنهن:
1- أخت الزوجة و عمتها و خالتها حتى يفارق الزوجة فرقة موت أو فرقة حياة و تنقضي عدتها لقوله تعالى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ}: [النساء- 23] و قول النبي صلي الله عليه وسلم: "لا يجمع بين المرأة و عمتها و لا بين المرأة و خالتها"1.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1رواه البخاري كتاب النكاح باب لا تنكح المرأة على عمتها رقم"5109" و مسلم كتاب النكاح باب تحريم الجمع بين المرأة و عمتها رقم "1408"



ص -27- [متفق عليه].
2- متعددة الغير: أي إذا كانت المرأة في عدة لغيره فإنه لا يجوز له نكاحها حتى تنتهي عدتها و كذلك لا يجوز له أن يخطبها إذا كانت في العدة حتى تنتهي عدتها.
3- المحرمة بحج أو عمرة: لا يجوز عقد النكاح عليها حتى تحل من إحرامها. وهناك محرمات أخرى تركنا الكلام فيهن خوفا من التطويل.
و أما الحيض: فلا يوجب تحريم العقد على المرأة فيعقد عليها وان كانت حائضا لكن لا توطأ حتى تطهر و تغتسل.



ص -28- الفصل السادس: في العدد المباح في النكاح
لما كان إطلاق العنان للشخص في تزويج ما شاء من العدد أمرا يؤدي إلي الفوضى و الظلم و عدم القدرة على القيام بحقوق الزوجات و كان حصر الرجل على زوجة واحدة قد يفضي إلي الشر و قضاء الشهوة بطريقة أخرى محرمة أباح الشارع للناس التعدد إلي أربعة فقط لأنه العدد الذي يتمكن به الرجل من تحقيق العدل و القيام بحق الزوجة و يسد حاجته إن احتاج إلي أكثر من واحدة.
قال الله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً} [النساء: 3].
و في عهد النبي صلي الله عليه وسلم اسلم غيلان الثقفي و عنده عشرة نساء فأمره النبي صلي الله عليه وسلم أن يختار منهن أربعا و يفارق البواقي، وقال قيس بن الحارث: أسلمت و عندي ثمانية نسوة فأتيت النبي



ص -29- صلي الله عليه وسلم فذكرت له ذلك فقال: "اختر منهن أربعا"1.
وتعدد النساء إلى هذا الحد له فوائد منها
1- أنه قد يكون ضروريا في بعض الأحيان مثل: أن تكون الزوجة كبيرة السن أو مريضة لو اقتصر عليها لم يكن له منها عفاف و تكون ذات أولاد منه فان امسكها خاف على نفسه المشقة بترك النكاح أو ربما يخاف الزنا وإن طلقها فرق بينها وبين أولادها فلا تزول هذه المشكلة الا بحل التعدد.
2- إن النكاح سبب للصلة و الارتباط بين الناس و قد جعله الله تعالى قسيما للنسب فقال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً} [ الفرقان-54] فتعدد الزوجات يربط بين اسر كثيرة و يصل بعضهم ببعض وهذا أحد الأسباب التي حملت النبي صلي الله عليه وسلم أن يتزوج بعدد من


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 رواه أبو داود كتاب الطلاق باب فيمن اسلم و عنده نساء أكثر من أربع رقم " 2241"



ص -30- النساء.
3- يترتب عليه صون عدد كبير من النساء و القيام بحاجتهن من النفقة والمسكن وكثرة الأولاد والنسل و هذا أمر مطلوب للشارع.
4- من الرجال من يكون حاد الشهوة لا تكفيه الواحدة و هي تقي نزيه و يخاف الزنا ولكن يريد أن يقضي وطرا في التمتع الحلال فكان من رحمة الله تعالى بالخلق أن أباح لهم التعدد على وجه سليم.



ص -31- الفصل السابع - في حكمة النكاح
قبل أن نبدأ الكلام في خصوص تلك المسالة يجب علينا أن نعلم علما يقينا بان الأحكام الشرعية كلها حكم و كلها في موضعها وليس فيها شئ من العبث و السفه ذلك لأنها من لدن حكيم خبير.
و لكم هل الحكم كلها للخلق؟ إن الآدمي محدود في علمه وتفكيره وعقله فلا يمكن أن يعلم كل شئ و لا أن يلهم معرفة كل شئ قال الله تعالى: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً} [الإسراء-85].
إذن: فالأحكام الشرعية التي شرعها الله لعباده يجب علينا الرضا بها سواء علمنا حكمتها أم لم نعلم لأننا إذا لم نعلم حكمتها فليس معناه أنه لا حكمة فيها في الواقع إنما معناه قصور عقولنا و إفهامنا عن إدراك الحكمة.
أما الحكمة في النكاح فكثيرة منها:
1-حفظ كل من الزوجين و صيانته قال النبي صلي الله عليه وسلم: "يا



ص -32- معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فانه أغض للبصر وأحصن للفرج"1
2-حفظ المجتمع من الشر و تحلل الأخلاق فلولا النكاح لانتشرت الرذائل بين الرجال و النساء.
3-استمتاع كل من الزوجين بالآخر بما يجب له من حقوق و عشرة فالرجل يكفل المرأة و يقوم بنفقاتها من طعام و شراب و مسكن و لباس بالمعروف قال النبي صلي الله عليه وسلم: "و لهن عليكم رزقهن و كسوتهن بالمعروف"2. و المرأة تكفل الرجل أيضا بالقيام بما يلزمها في البيت من رعاية و إصلاح قال النبي صلي الله عليه وسلم: "... و المرأة راعية في بيت زوجها و مسئولة عن رعيتها"3.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سبق تخريجه ص 14.
2 رواه احمد "5/73" وأبو داود كتاب المناسك باب صفة حجة النبي صلي الله عليه وسلم رقم"1905" وابن ماجه كتاب المناسك باب حجة رسول الله صلي الله عليه وسلم رقم(3074).
3 سبق تخريجه ص 18.



ص -33- 4- أحكام الصلة بين الأسر و القبائل فكم من أسرتين متباعدتين لا تعرف إحداهما الأخرى و بالزواج يحصل التقارب بينهما و الاتصال و لهذا جعل الله الصهر قسيما للنسب كما تقدم.
5- بقاء النوع الإنساني على وجه سليم فان كان النكاح سبب للنسل الذي به بقاء الإنسان قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً} [النساء-1].
ولو لا النكاح للزم احد أمرين أما:
1- فناء الإنسان.
2- أو وجود إنسان ناشئ من سفاح لا يعرف له أصل ولا يقوم على أخلاق.
ويطيب لي أن أستطرد هنا قليلا لحكم تحديد النسل.
فأقول: تحديد النسل بعدد معين خلاف مطلوب الشارع فإن النبي صلي الله عليه وسلم أمر بتزويج المرأة الولود أي كثيرة



ص -34- الولادة وعلل ذلك بأنه مكاثر بنا الأمم أو الأنبياء. وقال أهل الفقه: ينبغي أن يتزوج المرأة المعروفة بكثرة الولادة أما بنفسها إن كانت تزوجت من قبل و عرفت بكثرة الولادة أو بأقاربها كأمها و أختها إذا كانت لم تتزوج من قبل.
ثم ما الداعي لتحديد النسل؟
هل هو الخوف من ضيق الرزق أو الخوف من تعب التربية ؟
إن كان الأول فهذا سوء ظن بالله تعالى لان الله سبحانه وتعالى إذا خلق خلقا فلا بد أن يرزقه. قال الله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} [هود-6] وقال تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} "العنكبوت 60" وقال تعالى في الذين يقتلون أولادهم خشية الفقر: {نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ} [الإسراء 31].
وإن كان الداعي لتحديد النسل هو الخوف من تعب التربية فهذا خطأ فكم من عدد قليل من الأولاد اتعبوا أتعابا كبيرا في التربية و كم من عدد سهلت تربيتهم بأكثر



ص -35- ممن وهم دونهم بكثير. فالمدار في التربية صعوبة و سهولة على تيسير الله تعالى و كلما اتقى العبد ربه و تمشى على الطرق الشرعية سهل الله أمره قال الله تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً} "الطلاق 4".
وإذا تبين أن تحديد النسل خلاف المشروع فهل تنظيم النسل على الوجه الملائم لحال الأم من ذلك؟
الجواب: لا ليس تنظيم النسل على الوجه الملائم لحال الأم من تحديد النسل في شئ و اعني بتنظيم النسل أن يستعمل الزوجان أو احدهما طريقة تمنع من الحمل في وقت دون وقت فهذا جائز إذا رضي به من الزوج و الزوجة مثل: أن تكون الزوجة ضعيفة و الحمل يزيد ها ضعفا أو مرضا وهي كثيرة الحمل فتستعمل برضا الزوج هذه الحبوب التي تمنع من الحمل مدة معينة فلا باس بذلك وقد كان الصحابة يعزلون في عهد النبي صلي الله عليه وسلم و لم ينهوا عن ذلك و العزل من أسباب امتناع الحمل من هذا الوطء.



ص -36- الفصل الثامن: في الآثار المترتبة على النكاح
يترتب على النكاح آثار كثيرة منها ما يلي:
أولا: وجوب المهر:
والمهر: هو الصداق المسمى باللغة العامة جهازا- فالمهر ثابت للمرأة بالنكاح سواء شرط أم سكت عنه وهو المال المدفوع للزوجة بسبب عقد النكاح فإن كان معينا فهو ما عين سواء كان قليلا أم كثيرا و إن كان غير معين بإن عقد عليها ولم يدفع جهازا ولم يسموا شيئا فعلى الزوج أن يدفع إليها مهر الثمن وهو ما جرت العادة أن يدفع لمثلها.
وكما يكون المهر مالا أي عينا يكون كذلك منفعة فلقد "زوج النبي صلي الله عليه وسلم امرأة برجل على أن يعلمها شيئا من القرآن"1.
والمشروع في المهر أن يكون قليلا فكلما قل وتيسر فهو


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 رواه البخاري كتاب النكاح باب تزويج المعسر رقم" 5087" و مسلم كتاب النكاح باب الصداق و جواز كونه تعليم قرآن رقم "1425"



ص -37- أفضل إقتداء بالنبي صلي الله عليه وسلم و تحصيلا للبركة فان أعظم النكاح بركة أيسره مؤونة و روى مسلم في صحيحه أن رجلا قال للنبي صلي الله عليه وسلم: أني تزوجت امرأة.قال: "كم أصدقتها؟" قال: أربع أواق يعني مائة و ستين درهما فقال النبي صلي الله عليه وسلم: "على أربع أواق كأنما تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل، ما عندنا ما نعطيك و لكن عسى أن نبعثك في بعث تصيب منه"1.
وقال عمر رضي الله عنه: "لا تغلوا صدق النساء فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى في الآخرة كان أولاكم بها النبي صلي الله عليه وسلم، ما أصدق النبي صلي الله عليه وسلم امرأة من نسائه ولا أصدقت امرأة من بناته أكثر من اثنتي عشرة أوقية، و الأوقية أربعون درهما".
ولقد كان تصاعد المهور في هذه السنين له أثره السيئ في منع كثير من الناس من النكاح رجالا ونساء و صار الرجل يمضي السنوات الكثيرة قبل أن يحصل المهر، فنتج


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 رواه مسلم متاب النكاح باب ندب النظر إلي المرأة رقم "1424".



ص -38- عن ذلك مفاسد منها:
1-تعطل كثير من الرجال و النساء عن النكاح.
2- أن أهل المرأة صاروا ينظرون إلي المهر قلة وكثرة فالمهر عند كثير منهم هو ما يستفيدونه من الرجل لامرأته فإذا كان كثيرا زوجوا ولم ينظروا للعواقب و إن كان قليلا ردوا الزوج و إن كان مرضيا في دينه و خلقه.
3- انه إذا ساءت العلاقة بين الزوج و الزوجة و كان المهر بهذا القدر الباهظ فانه لا تسمح نفسه غالبا بمفارقتها بإحسان بل يؤذيها و يتعبها لعلها ترد شيئا مما دفع إليها ولو كان المهر قليلا لهان عليه فراقها.
ولو أن الناس اقتصدوا في المهر و تعاونوا في ذلك و بدا الأعيان بتنفيذ هذا الأمر لحصل للمجتمع خير كثير و راحة كبيرة و تحصين كثير من الرجال والنساء.
ولكن مع الأسف أن الناس صاروا يتبارون في السبق إلي تصاعد المهور وزيادتها فكل سنة يضيفون أشياء لم تكن معروفة من قبل ولا ندري إلي أي غاية ينتهون؟



ص -39- ولقد كان بعض الناس وخصوصا البادية يسلكون مسلكا فيه بعض السهولة وهو تأجيل شئ من المهر مثل: أن يزوجه بمهر قدره كذا نصفه حال و نصفه مؤجل إلي سنة أو اقل أو أكثر و هذا يخفف عن الزوج بعض التخفيف.
ثانيا: النفقة:
فعلى الزوج أن ينفق على زوجته بالمعروف طعاما وشرابا و كسوة و سكني فان بخل بشئ من الواجب فهو آثم و لها أن تأخذ من ماله بقدر كفايتها أو تستدين عليه ويلزمه الوفاء.
ومن النفقة: الوليمة وهي ما يصنعه الزوج من الطعام أيام الزواج و يدعو الناس اليه و هي سنة مأمور بها لان النبي صلي الله عليه وسلم فعلها و أمر بها و لكن يجب في الوليمة أن يتجنب فيها الإسراف المحرم و ينبغي أن تكون بقدر حال الزوج.
أما ما يفعله بعض الناس من الإسراف فيها كمية و كيفية فانه لا ينبغي و يترتب عليه صرف أموال كثيرة بلا فائدة.



ص -40- ثالثا: الصلة بين الزوج وزوجته وبين أهليهما:
فقد جعل الله بين الزوج و زوجته مودة ورحمة وهذا الاتصال يوجب الحقوق المترتبة عليه عرفا فإنه كلما حصلت الصلة وجب من الحقوق بقدرها.
رابعا: المحرمية:
فإن الزوج يكون محرما لأمهات زوجته و جداتها و إن علون و يكون محرما لبناتها و بنات أبنائها و بنات بناتها و إن نزلن إذا كان دخل بأمهن الزوجة.
وكذلك الزوجة تكون من محارم أباء الزوج و إن علوا و أبنائه و إن نزلوا.
خامسا: الإرث:
فمتى عقد شخص على امرأة بنكاح صحيح فانه يجري التوارث بينهما لقوله تعالى: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ} إلي قوله: {تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء 12]. ولا فرق بين أن يدخل ويخلو بها أم لا.



ص -41- الفصل التاسع: في حكم الطلاق وما يراعى فيه
الطلاق فراق الزوجة باللفظ ا الكتابة أو الإشارة.
والأصل في الطلاق أنه مكروه إذ أنه يحصل به تفويت مصالح النكاح السابقة، وتشتيت الأسرة، وفي الحديث: "ابغض الحلال عند الله الطلاق".
ولكن لما كان الطلاق لا بد منه أحيانا أما لتأذي المرأة ببقائها مع الرجل، أو لتأذي الرجل منها، أو لغير ذلك من المقاصد، كان من رحمة الله أن أباحه لعباده، ولم يحجر عليهم بالتضييق والمشقة.
فإذا كره الرجل زوجته ولم يتحمل الصبر فلا باس أن يطلقها، ولكن يجب أن يراعي ما يأتي:
1- ألا يطلقها وهي حائض:
فان طلقها وهي حائض فقد عصي الله ورسوله، وارتكب محرما، ويجب عليه حينئذ أن يراجع ويبقيها حتى تطهر، ثم يطلقها إن شاء، والأولي أن يتركها حتى تحيض المرة



ص -42- الثانية، فإذا طهرت فان شاء امسكها، وان شاء طلقها.
2- الا يطلقها في طهر جامعها فيه الا أن يتبين حملها:
فإذا هم رجل بطلاق امرأته، وقد جامعها بعد حيضتها، فإنه لا يطلقها حتى تحيض ثم تطهر، ولو طالت المدة، ثم إن شاء طلقها قبل أن يمسها. الا إذا تبين حملها، أو كانت حاملا، فلا بأس أن يطلقها. قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق:1].
قال ابن عباس رضي الله عنهما: لا يطلقها وهي حائض، ولا في طهر قد جامعها فيه، ولكن يتركها إذا حاضت وطهرت طلقها تطليقة.
3- ألا يطلقها أكثر من واحدة:
فلا يقول: أنت طالق طلقتين، أو أنت طالق ثلاثا، أو أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، فطلاق الثلاث محرم لما روي عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال في رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعا: "أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم؟" حتى



ص -43- قام رجل فقال: يا رسول الله، الا اقتله؟1
وإن كثير من الناس يجهلون أحكام الطلاق، فأي وقت طرأ عليهم الطلاق طلقوا من غير مبالاة بوقت أو عدد.
والواجب علي العبد أن يتقيد بحدود الله، ولا يتعداها. فقد قال الله تعالى: {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} [ الطلاق:1] وقال: {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [البقرة:229].


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 رواه النسائي، كتاب الطلاق، باب الثلاث المجموعة وما فيه من التغليظ رقم"3401".



ص -44- الفصل العاشر: فيما يترتب علي الطلاق
لما كان الطلاق فراق الزوجة، فانه يترتب علي هذا الفراق أحكام كثيرة منها:
1- وجوب العدة إذا كان الزوج قد دخل بزوجته أوخلا بها.
أما أن طلقها قبل أن يدخل بها ويخلو بها، فلا عدة له عليها، لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا}[ الأحزاب:49].
والعدة ثلاث حيض إن كانت من ذوات الحيض، وثلاثة اشهر إن لم تكن من ذوات الحيض، ووضع الحمل إن كانت حاملا.
2- تحريم الزوجة على الزوج إذا كان قد طلقها قبل ذلك الطلاق مرتين:
يعني: لو طلق زوجته ثم راجعها في العدة، أو تزوجها



ص -45- بعد العدة، ثم طلقها مرة ثانية وراجعها في العدة، أو تزوج بعدها، ثم طلقها المرة الثالثة، فإنها لا تحل له بعد ذلك حتى تنكح زوجا غيره نكاحا صحيحا، ويجامعها فيه، ثم يرغب عنها ويطلقها، فإنها بعد ذلك تحل للأول، لقوله تعالى: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [ البقرة: 229]. إلي أن قال: {فَإِنْ طَلَّقَهَا} يعني المرة الثالثة {فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا} يعني الثاني {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا} يعني الزوج الأول وزوجته التي طلقها {أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [ البقرة: 230].
وإنما حرم الله المرأة علي من طلقها ثلاث مرات حتى تنكح زوجا غيره، لان الناس كانوا في أول الإسلام يطلقون ويراجعون بأي عدد كان، فغضب رجل علي امرأته فقال لها: والله لا أؤويك ولا أفارقك. قالت: وكيف ذلك؟ قال: أطلقك فإذا دنا أجلك راجعتك، ثم أطلقك فإذا دنا أجلك راجعتك، فذكرت المرأة ذلك لرسول الله صلي الله عليه وسلم، فانزل الله



ص -46- تعالى: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ}. ووقت العدة ثلاث رحمة بالنساء من أزواجهن.
أيها الأخوة:
لعلنا أتينا بجمل كثيرة من أحكام النكاح، متحرين بذلك أن تكون بالقدر المناسب من غير تطويل ممل ولا تقصير مخل.. واسأل الله تعالى أن ينفع بها، وان يجعل العمل خالصا لله موافقا لمرضاة الله، وأن يجعل من هذه الأمة جيلا عالما بأحكام الله، حافظا لحدود الله، قائما بأمر الله، هاديا لعباد الله.
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.
ربنا أتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار.. وصلي الله علي نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
حرر في 26/5/1389هـ

نصيحة لطلبة العلم

نصيحة لطلبة العلم
للشيخ عبد العزيز بن باز
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسوله ، نبينا محمد وآله وصحبه .
أما بعد : فلا ريب أن طلب العلم من أفضل القربات ، ومن أسباب الفوز بالجنة والكرامة لمن عمل به . ومن أهم المهمات الإخلاص في طلبه ، وذلك بأن يكون طلبه لله لا لغرض آخر ، لأن ذلك هو سبيل الانتفاع به ، وسبب التوفيق لبلوغ المراتب العالية في الدنيا والآخرة .

وقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "من تعلم علما مما يبتغي به وجه الله لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة - يعني ريحها -" أخرجه أبو داود بإسناد حسن .

وأخرج الترمذي بإسناد فيه ضعف عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : "من طلب العلم ليباهي به العلماء أو ليماري به السفهاء أو ليصرف به وجوه الناس إليه أدخله الله النار" فأوصى كل طالب علم ، وكل مسلم يطلع على هذه الكلمة ، بالإخلاص لله في جميع الأعمال عملا بقول الله سبحانه وتعالى : (فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "يقول الله عز وجل أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك معي فيه غيري تركته وشركه"
كما أوصى كل طالب علم ، وكل مسلم ، بخشية الله سبحانه ، ومراقبته في جميع الأمور ، عملا بقوله عز وجل : (إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ) وقوله سبحانه : (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ) قال بعض السلف : رأس العلم خشية الله وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : كفى بخشية الله علما وكفى بالاغترار به جهلا وقال بعض السلف : من كان بالله أعرف كان منه أخوف ويدل على صحة هذا المعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه : "أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له" فكلما قوي علم العبد بالله كان ذلك سببا لكمال تقواه وإخلاصه ووقوفه عند الحدود وحذره من المعاصي .

ولهذا قال الله سبحانه وتعالى : (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) فالعلماء بالله وبدينه ، هم أخشى الناس لله ، وأتقاهم له ، وأقومهم بدينه ، وعلى رأسهم الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، ثم أتباعهم بإحسان . ولهذا أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من علامات السعادة أن يفقه العبد في دين الله ، فقال عليه الصلاة والسلام ، من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين أخرجاه في الصحيحين من حديث معاوية رضي الله عنه ، وما ذاك إلا لأن الفقه في الدين يحفز العبد على القيام بأمر الله ، وخشيته وأداء فرائضه ، والحذر من مساخطه ويدعوه إلى مكارم الأخلاق ، ومحاسن الأعمال ، والنصح لله ولعباده .

فأسأل الله عز وجل أن يمنحنا وجميع طلبة العلم وسائر المسلمين الفقه في دينه ، والاستقامة عليه ، وأن يعيذنا جميعا من شرور أنفسنا ، وسيئات أعمالنا ، إنه ولي ذلك والقادر عليه . وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وعلى إله وصحبه .

نشرت في مجلة التوحيد المصرية ، ص 11 - 12 .

موقف الدعاة والعلماء من كثرة انتشار الباطل

موقف الدعاة والعلماء من كثرة انتشار الباطل
للشيخ عبد العزيز بن باز
س : إن هداية الناس ثمرة لانتشار العلم الشرعي بين الناس . ولكن من الملاحظ أن الباطل أكثر انتشارا عبر الصحافة ، وكافة وسائل الإعلام ومناهج التدريس . فما موقف الدعاة والعلماء من هذا؟ .

ج : هذه واقعة منتشرة في الزمان كله ، وحكمة أرادها الله سبحانه كما قال تعالى : (وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ) ويقول سبحانه : (وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ)
لكن هذا يختلف : ففي بلاد يكثر وفي بلاد يقل ، وفي قبيلة يكثر ، وفي قبيلة يقل ، وأما بالنسبة إلى الدنيا فأكثر الخلق على غير الهدى . ولكن هذا يتفاوت بالنسبة إلى بعض الدول ، وبعض البلاد وبعض القرى ، وبعض القبائل ، فالواجب على أهل العلم أن ينشطوا ، وألا يكون أهل الباطل أنشط منهم . بل يجب أن يكونوا أنشط من أهل الباطل ، في إظهار الحق والدعوة إليه أينما كانوا في الطريق وفي السيارة ، وفي الطائرة وفي المركبة الفضائية ، وفي البيت ، وفي أي مكان ، عليهم أن ينكروا المنكر بالتي هي أحسن ، ويعلموا بالتي هي أحسن ، بالأسلوب الطيب والرفق واللين ، يقول الله عز وجل : (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) ويقول سبحانه : (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : (أن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه)
فلا يجوز لأهل العلم السكوت وترك الكلام للفاجر والمبتدع والجاهل ، فإن هذا غلط عظيم ، ومن أسباب انتشار الشر والبدع واختفاء الخير وقلته وخفاء السنة .

فالواجب على أهل العلم أن يتكلموا بالحق ، ويدعوا إليه ، وأن ينكروا الباطل ويحذروا منه ، ويجب أن يكون ذلك عن علم وبصيرة كما قال الله عز وجل : (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ) وذلك بعد العناية بأسباب تحصيل العلم ، من دراسة على أهل العلم وسؤالهم عما أشكل ، وحضور حلقات العلم والإكثار من تلاوة القرآن الكريم وتدبره ومراجعة الأحاديث الصحيحة ، حتى تستفيد وتنشر العلم كما أخذته عن أهله بالدليل ، مع الإخلاص والنية الصالحة والتواضع ، ويجب أن تحرص على نشر العلم بكل نشاط وقوة ، وألا يكون أهل الباطل أنشط في باطلهم ، وأن تحرص على نفع المسلمين في دينهم ودنياهم .

وهذا واجب العلماء شيوخا وشبابا أينما كانوا ، بأن ينشروا الحق بالأدلة الشرعية ، ويرغبوا الناس فيه ، وينفروهم من الباطل ، ويحذروهم منه ، عملا بقول الله عز وجل : (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى) وقوله سبحانه : (وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خَسِرَ إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ)
هكذا يكون أهل العلم أينما كانوا يدعون إلى الله ، ويرشدون إلى الخير وينصحون لله ولعباده بالرفق فيما يأمرون به وفيما ينهون عنه وفيما يدعون إليه . حتى تنجح دعوتهم ، ويفوز الجميع بالعاقبة الحميدة والسلامة من كيد الأعداء . والله المستعان .

من ضمن الأسئلة المقدمة لسماحته من جريدة الندوة ونشرت في عددها 11293 الصادر في يوم السبت 15/8/1416هـ.

لا يغيـر الله ما بقـوم حتى يغيـروا ما بأنفسـهم

لا يغيـر الله ما بقـوم حتى يغيـروا ما بأنفسـهم
للشيخ عبد العزيز بن باز
س : ما تفسيـر قـول الحق تبارك وتعـالى في سـورة الرعـد : (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) ؟

ج : الآية الكريمة آية عظيمة تدل على أن الله تبارك وتعالى بكمال عدله وكمال حكمته لا يُغير ما بقوم من خير إلى شر ، ومن شر إلى خير ومن رخاء إلى شدة ، ومن شدة إلى رخاء حتى يغيروا ما بأنفسهم ، فإذا كانوا في صلاح واستقامة وغيروا غير الله عليهم بالعقوبات والنكبات والشدائد والجدب والقحط ، والتفرق وغير هذا من أنواع العقوبات جزاء وفاقا قال سبحانه : (وَمَا رَبُّكَ بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ)
وقد يمهلهم سبحانه ويملي لهم ويستدرجهم لعلهم يرجعون ثم يؤخذون على غرة كما قال سبحانه : (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ) يعني آيسون من كل خير ، نعوذ بالله من عذاب الله ونقمته ، وقد يؤجلون إلى يوم القيامة فيكون عذابهم أشد كما قال سبحانه : (وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ) والمعنى أنهم يؤجلون ويمهلون إلى ما بعد الموت ، فيكون ذلك أعظم في العقوبة وأشد نقمة .

وقد يكونون في شر وبلاء ومعاصي ثم يتوبون إلى الله ويرجعون إليه ويندمون ويستقيمون على الطاعة فيغير الله ما بهم من بؤس وفرقة ومن شدة وفقر إلى رخاء ونعمة واجتماع كلمة وصلاح حال بأسباب أعمالهم الطيبة وتوبتهم إلى الله سبحانه وتعالى وقد جاء في الآية الأخرى : (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) فهذه الآية تبين لنا أنهم إذا كانوا في نعمة ورخاء وخير ثم غيروا بالمعاصي غير عليهم - ولا حول ولا قوة إلا بالله - وقد يمهلون كما تقدم والعكس كذلك إذا كانوا في سوء ومعاص ، أو كفر وضلال ثم تابوا وندموا واستقاموا على طاعة الله غيَّر الله حالهم من الحالة السيئة إلى الحالة الحسنة ، غير تفرقهم إلى اجتماع ووئام ، وغير شدتهم إلى نعمة وعافية ورخاء ، وغير حالهم من جدب وقحط وقلة مياه ونحو ذلك إلى إنزال الغيث ونبات الأرض وغير ذلك من أنواع الخير .

من برنامج نور على الدرب الشريط الثالث عشر.

حكم الذهاب إلى الكهان والعرافين

حكم الذهاب إلى الكهان والعرافين
للشيخ عبد العزيز بن باز
س : من : أ . ع . م - يقول : هل يجوز الذهاب إلى الكهان والعرافين والمشعوذين وسؤالهم والتداوي عندهم بالزيت ونحوه؟

ج : لا يجوز الذهاب إلى العرافين والسحرة والمنجمين والكهنة ونحوهم ، ولا يجوز سؤالهم ولا تصديقهم ، ولا يجوز التداوي عندهم بزيت ولا غيره؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن إتيانهم وسؤالهم وعن تصديقهم؛ لأنهم يدعون علم الغيب ، ويكذبون على الناس ، ويدعونهم إلى أسباب الانحراف عن العقيدة .

وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة أخرجه مسلم في صحيحه ، وقال صلى الله عليه وسلم : من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ، وقال عليه الصلاة والسلام : ليس منا من سحر أو سحر له أو تطير أو تطير له أو تكهن أو تكهن له
والأحاديث في هذا المعنى كثيرة . وفيما أباح الله من التداوي بالرقية الشرعية والأدوية المباحة عند المعروفين بحسن العقيدة والسيرة ما يكفي والحمد لله . والله ولي التوفيق .

نشرت في مجلة الدعوة في العدد ( 1498 ) بتاريخ 8 / 2 / 1416 هـ .

ما هو الوسط في الدين ؟

ما هو الوسط في الدين ؟
للشيخ محمد بن صالح العثيمين
السؤال: ما المراد بالوسط في الدين ؟.

الجواب:

الحمد لله

الوسط في الدين أن لا يغلو الإنسان فيه فيتجاوز ما حد الله عز وجل ولا يقصر فيه فينقص مما حد الله -سبحانه وتعالى .

الوسط في الدين أن يتمسك بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم , والغلو في الدين أن يتجاوزها , والتقصير أن لا يبلغها .

مثل ذلك , رجل قال أنا أريد أن أقوم الليل ولا أنام كل الدهر, لأن الصلاة من أفضل العبادات فأحب أن أحيي الليل كله صلاة فنقول : هذا غالٍ في دين الله وليس على حق , وقد وقع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم مثل هذا ، اجتمع نفر فقال بعضهم : أنا أقوم ولا أنام , وقال : الآخر أنا أصوم ولا أفطر, وقال الثالث أنا لا أتزوج النساء , فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال عليه الصلاة والسلام : ( ما بال أقوام يقولون كذا وكذا أنا أصوم وأفطر , وأنام وأتزوج النساء , فمن رغب عن سنتي فليس مني ) فهؤلاء غلو في الدين فتبرأ منهم الرسول صلى الله عليه وسلم لأنهم رغبوا عن سنته صلى الله عليه وسلم التي فيها صوم وإفطار , وقيام ونوم , وتزوج نساء .

أما المقصر : فهو الذي يقول لا حاجة لي بالتطوع فأنا لا أتطوع وآتي بالفريضة فقط , وربما أيضاً يقصر في الفرائض فهذا مقصرّ .

والمعتدل : هو الذي يتمشى على ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم , وخلفاؤه الراشدون .

مثال آخر : ثلاثة رجال أمامهم رجل فاسق , أحدهم قال : أنا لا أسلم على هذا الفاسق وأهجره وابتعد عنه ولا أكلمه .

والثاني يقول : أنا أمشي مع هذا الفاسق وأسلم عليه وأبش في وجهه وأدعوه عندي وأجيب دعوته وليس عندي إلا كرجل صالح .

والثالث يقول : هذا الفاسق أكرهه لفسقه وأحبه لإيمانه ولا أهجره إلا حيث يكون الهجر سبباً لإصلاحه , فإن لم يكن الهجر سبباً لإصلاحه بل كان سبباً لازدياده في فسقه فأنا لا أهجره.

فنقول الأول مُفرط غالٍٍ - من الغلو - والثاني مفرّط مقصّر , والثالث متوسط .

وهكذا نقول في سائر العبادات ومعاملات الخلق ، الناس فيها بين مقصر وغال ومتوسط .

ومثال ثالث : رجل كان أسيرا لامرأته توجهه حيث شاءت لا يردها عن إثم ولا يحثها على فضيلة , قد ملكت عقله وصارت هي القوامة عليه .

ورجل آخر عنده تعسف وتكبر وترفع على امرأته لا يبالي بها وكأنها عنده أقل من الخادم .

ورجل ثالث وسط يعاملها كما أمر الله ورسوله : ( وَلَهُنَّ مثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) البقرة/ 228 . ( لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كان كره منها خلقا رضي منها خلقا آخر ) . فهذا الأخير متوسط والأول غالٍ في معاملة زوجته, والثاني مقصر. وقس على هذه بقية الأعمال والعبادات .

مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ج/1 ص 42.

{ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس‏}

{ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس‏}
قال الإمام ابن قيّم الجوزيّة ـ رحمه الله ـ في : زاد المعاد ( 4 / 362 ـ 364 ) :

(ومن له معرفة بأحوال العالم ومبدئه يعرف أن جميع الفساد في جوه ونباته وحيوانه، وأحوال أهله حادث بعد خلقه بأسباب اقتضت حدوثه، ولم تزل أعمال بني آدم ومخالفتهم للرسل تحدث لهم من الفساد العام والخاص ما يجلب عليهم من الآلام، والأمراض، والأسقام، والطواعين والقحوط، والجدوب، وسلب بركات الأرض، وثمارها، ونباتها، وسلب منافعها، أو نقصانها أمورًا متتابعة يتلو بعضها بعضًا، فإن لم يتسع علمك لهذا فاكتف بقوله تعالى‏:‏ ‏{ ‏ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس‏ }‏ ‏[‏الروم‏:‏ 41‏]‏، ونزّل هذه الآية على أحوال العالم، وطابق بين الواقع وبينها، وأنت ترى كيف تحدث الآفات والعلل كل وقت في الثمار والزرع والحيوان، وكيف يحدث من تلك الآفات آفات أخر متلازمة، بعضها آخذ برقاب بعض، وكلما أحدث الناس ظلمًا وفجورًا، أحدث لهم ربهم تبارك وتعالى من الآفات والعلل في أغذيتهم وفواكههم، وأهويتهم ومياههم، وأبدانهم وخلقهم، وصورهم وأشكالهم وأخلاقهم من النقص والآفات، ما هو موجب أعمالهم وظلمهم وفجورهم‏.‏ ولقد كانت الحبوب من الحنطة وغيرها أكثر مما هي اليوم، كما كانت البركة فيها أعظم‏.‏ وقد روى الإمام أحمد بإسناده أنه وجد في خزائن بعض بني أمية صرة فيها حنطة أمثال نوى التمر مكتوب عليها هذا كان ينبت أيام العدل‏.‏ وهذه القصة، ذكرها في مسنده ، على أثر حديث رواه‏.‏ وأكثر هذه الأمراض والآفات العامة بقية عذاب عذبت به الأمم السالفة، ثم بقيت منها بقية مرصدة لمن بقيت عليه بقية من أعمالهم، حكمًا قسطًا، وقضاء عدلًا، وقد أشار النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى هذا بقوله في الطاعون ‏(‏إنه بقية رجز أو عذاب أرسل على بني إسرائيل‏)‏‏.‏ وكذلك سلط الله سبحانه وتعالى الريح على قوم سبع ليال وثمانية أيام، ثم أبقى في العالم منها بقية في تلك الأيام، وفي نظيرها عظة وعبرة‏.‏ وقد جعل الله سبحانه أعمال البر والفاجر مقتضيات لآثارها في هذا العالم اقتضاء لا بد منه، فجعل منع الإحسان والزكاة والصدقة سببًا لمنع الغيث من السماء، والقحط والجدب، ..وجعل ظلم المساكين، والبخس في المكاييل والموازين، وتعدي القوي على الضعيف سببًا لجور الملوك والولاة الذين لا يرحمون إن استرحموا، ولا يعطفون إن استعطفوا، وهم في الحقيقة أعمال الرعايا ظهرت في صور ولاتهم، فإن الله سبحانه بحكمته وعدله يظهر للناس أعمالهم في قوالب وصور تناسبها، فتارة بقحط وجدب، وتارة بعدو، وتارة بولاة جائرين، وتارة بأمراض عامة، وتارة بهموم وآلام وغموم تحضرها نفوسهم لا ينفكون عنها، وتارة بمنع بركات السماء والأرض عنهم، وتارة بتسليط الشياطين عليهم تؤزهم إلى أسباب العذاب أزًا، لتحق عليهم الكلمة، وليصير كل منهم إلى ما خلق له، والعاقل يسيّر بصيرته بين أقطار العالم، فيشاهده، وينظر مواقع عدل الله وحكمته، وحينئذ يتبين له أن الرسل وأتباعهم خاصة على سبيل النجاة، وسائر الخلق على سبيل الهلاك سائرون، وإلى دار البوار صائرون، والله بالغ أمره، لا معقب لحكمه، ولا راد لأمره، وبالله التوفيق ‏) .